أيضا لأن ذلك عفو عما مضى ولو علمت عسرته لأنه يمكن أن يوسر ويتطوع عنه بالغرم ولها أن لا تدخل عليه إذا أعسر بصداقها حتى تقبضه واحتج على مخالفه فقال إذا خيرتها في العنين يؤجل سنة ورضيت منه بجماع مرة فإنما هو فقد لذة ولا صبر لها على فقد النفقة فكيف أقررتها معه في أعظم الضررين وفرقت بينهما في أصغر الضررين.
نفقة التي لا يملك زوجها رجعتها وغير ذلك (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قال الله تعالى " أسكنوهن من حيث سكنتم ومن وجدكم " وقال تعالى " إن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن " فلما أوجب الله لها نفقة بالحمل دل على أن لا نفقة لها بخلاف الحمل ولا أعلم خلافا أن التي يملك رجعتها في معاني الأزواج في أن عليه نفقتها وسكناها وأن طلاقه وإيلاءه وظهاره ولعانه يقع عليها وأنها ترثه ويرثها فكانت الآية على غيرها من المطلقات وهي التي لا يملك رجعتها وبذلك جاءت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في فاطمة بنت قيس بت زوجها طلاقها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال " ليس لك عليه نفقة " وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال " نفقة المطلقة ما لم تحرم " وعن عطاء ليست المبتوتة الحبلى منه في شئ إلا أنه ينفق عليها من أجل الحبل فإن كانت غير حبلى فلا نفقة لها (قال) وكل ما وصفت من متعة أو نفقة أو سكنى فليست إلا في نكاح صحيح فأما كل نكاح كان مفسوخا فلا نفقة حاملا أو غير حامل فإن ادعت الحمل ففيها قولان. أحدهما أنه لا يعلم بيقين حتى تلد فتعطى نفقة ما مضى لها، وهكذا لو أوصى لحمل أو كان الوارث أو الموصى له غائبا فلا يعطى إلا بيقين أرأيت لو أعطيناها بقول النساء ثم أنفس أليس قد أعطينا من ماله ما لم يجب عليه. والقول الثاني أن تحصى من يوم فارقها فإذا قال النساء بها حمل أنفق عليها حتى تضع ولما مضى (قال المزني) رحمه الله هذا عندي أولى بقوله لأن الله عز وجل أوجب بالحمل النفقة وحملها قبل أن تضع (قال الشافعي) رحمه الله: ولو ظهر بها حمل فنفاه وقذفها لاعنها ولا نفقة عليه فإن أكذب نفسه حد ولحق به الولد ثم أخذت منه النفقة التي بطلت عنه ولو أعطاها بقول القوابل أن بها حملا ثم علم أن لم يكن بها حمل أو أنفق عليها فجاوزت أربع سنين رجع عليها بما أخذت ولو كان يملك الرجعة فلم تقر بثلاث حيض أو كان حيضها يختلف فيطول ويقصر لم أجعل لها إلا الأقصر لأن ذلك اليقين وأطرح الشك (قال المزني) رحمه الله إذا حكم بأن العدة قائمة فكذلك النفقة في القياس لها بالعدة قائمة ولو جاز قطع النفقة بالشك في انقضاء العدة لجاز انقطاع الرجعة بالشك في انقضاء العدة (قال الشافعي) رحمه الله: ولا أعلم حجة بأن لا ينفق على الأمة الحامل، ولو زعمنا أن النفقة للحمل كانت نفقة الحمل لا تبلغ بعض نفقة أمة ولكنه حكم الله جل ثناؤه (وقال) في كتاب الاملاء: النفقة على السيد (قال المزني) رحمه الله: الأول أحق به لأنه شهد أنه حكم الله وحكم الله أولى مما خالفه (قال الشافعي) فأما كل نكاح كان مفسوخا فلا نفقة لها ولا سكنى حاملا أو غير حامل (وقال) في موضع آخر إلا أن يتطوع المصيب لها بذلك ليحصنها فيكون ذلك لها بتطوعه وله تحصينها وبالله التوفيق.