على أنه إن سقاها بماء سماء أو نهر فله الثلث وإن سقاها بالنضح فله النصف كان هذا فاسدا لأن عقد المساقاة كان والنصيب مجهول والعمل غير معلوم كما لو قارضه بمال على أن ما ربح في البر فله الثلث وما ربح في البحر فله النصف فإن عمل كان له أجر مثله فإن اشترط الداخل أن أجرة الاجراء من الثمرة فسدت المساقاة ولو ساقاه على ودي لوقت يعلم أنه لا يثمر إليه لم يجز لو اختلفا بعد أن أثمرت النخل على مساقاة صحيحة فقال رب النخل على الثلث وقال العامل بل على النصف تحالفا وكان له أجر مثله في قياس قوله كان أكثر مما أقر له به رب النخل أو أقل وإن أقام كل واحد منهما البينة على ما ادعى سقطتا وتحالفا كذلك أيضا ولو دفعا نخلا إلى رجل مساقاة فلما أثمرت اختلفوا فقال العامل شرطتما لي النصف ولكما النصف فصدقه أحدهما وأنكر الآخر كان له مقاسمة المقر في نصفه على ما أقر به وتحالف هو والمنكر وللعامل أجر مثله في نصفه ولو شرط من نصيب أحدهما بعينه النصف ومن نصيب الآخر بعينه الثلث جاز وإن جهلا ذلك لم يجز وفسخ فإن عمل على ذلك فله أجر مثله والثمر لربه في قياس قوله، وبالله التوفيق.
مختصر من الجامع في الإجارة من ثلاث كتب في الإجارة وما دخل فيه سوى ذلك (قال الشافعي) رحمه الله قال الله تعالى " فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " وقد يختلف الرضاع فلما لم يوجد فيه إلا هذا جازت فيه الإجارة وذكرها الله تعالى في كتابه وعمل بها بعض أنبيائه فذكر موسى عليه السلام وإجارته نفسه ثماني حجج ملك بها بضع امرأته وقيل استأجره على أن يرعى له غنما فدل بذلك على تجويز الإجارة ومضت بها السنة وعمل بها بعض الصحابة والتابعين ولا اختلاف في ذلك بين أهل العلم ببلدنا وعوام أهل الأمصار (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فالإجارات صنف من البيوع لأنها تمليك لكل واحد منهما من صاحبه ولذلك يملك المستأجر المنفعة التي في العبد والدار إلى المدة التي اشترطها حتى يكون أحق بها من مالكها ويملك بها صاحبها العوض فهي منفعة معقولة من عين معلومة فهي كالعين المبيعة ولو كان حكمها بخلاف العين كانت في حكم الدين ولم يجز أن يكترى بدين لأنه حينئذ يكون دينا بدين وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدين بالدين (قال) وإذا دفع ما أكرى وجب له جميع الكراء كما إذا دفع جميع ما باع وجب له جميع الثمن إلا أن يشترط أجلا فإذا قبض العبد فاستخدمه أو المسكن فسكنه ثم هلك العبد أو انهدم المسكن حسب قدر ما استخدم وسكن فكان له ورد بقدر ما بقي على المكترى كما لو اشترى سفينة طعام كل قفيز بكذا فاستوفى بعضا فاستهلكه ثم هلك الباقي كان عليه من الثمن بقدر ما قبض ورد قدر ما بقي ولا تنفسخ بموت أحدهما ما كانت الدار قائمة وليس الوارث بأكثر من الموروث الذي عنه ورئوا فإن قيل فقد انتفع المكرى بالثمن قيل كما لو أسلم في رطب لوقت فانقطع رجع بالثمن وقد انتفع به البائع ولو باع متاعا غائبا ببلد ودفع الثمن فهلك المبتاع رجع بالثمن وقد انتفع به البائع (قال المزني) رحمه الله وهذا تجويز بيع الغائب ونفاه في مكان آخر (قال الشافعي) رحمه الله وإن تكارى دابة من مكة إلى بطن مر فتعدى بها إلى عسفان فعليه كراؤها إلى مر وكراء مثلها إلى عسفان وعليه الضمان وله أن يؤاجر داره وعبده ثلاثين سنة وأي المتكاريين هلك فورثته تقوم مقامه.