إلا أن يقدر على تصريفها بنفسه وبمن يطيعه فأما إذا غلبته فلا يضمن في قول من قال بهذا القول والقول قول الذي يصرفها أنها غلبته بريح أو موج وإذا ضمن غير النفوس في ماله ضمنت النفوس عاقلته إلا أن يكون عبدا فيكون ذلك في عنقه (قال المزني) رحمه الله وقد قال في كتاب الإجارات لا ضمان إلا أن يمكن صرفها (قال الشافعي) وإذا صدمت سفينته من غير أن يعهد بها الصدم لم يضمن شيئا مما في سفينته بحال لأن الذين دخلوا غير متعدى عليهم ولا على أموالهم وإذا عرض لهم ما يخافون به التلف عليها وعلى من فيها فألقى أحدهما بعض ما فيها رجاء أن تخف فتسلم فإن كان ماله فلا شئ على غيره وكذلك لو قالوا له ألق متاعك فإن كان لغيره ضمن ولو قال لصاحبه ألقه على أن أضمنه أنا وركبان السفينة ضمنه دونهم إلا أن يتطوعوا (قال المزني) هذا عندي غلط غير مشكل وقياس معناه أن يكون عليه بحصته فلا يلزمه ما لم يضمن ولا يضمن أصحابه ما أراد أن يضمنهم إياه (قال الشافعي) ولو خرق السفينة فغرق أهلها ضمن ما فيها وضمن ديات ركبانها عاقلته (1) وسواء من خرق ذلك منها.
باب من العاقلة التي تغرم (قال الشافعي) لم أعلم مخالفا أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة ولا اختلاف بين أحد علمته في أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بها في ثلاث سنين ولا مخالفا في أن العاقلة العصبة وهم القرابة من قبل الأب وقضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه على علي بن أبي طالب بأن يعقل عن موالي صفية بنت عبد المطلب وقضى للزبير بميراثهم لأنه ابنها (قال الشافعي) رحمه الله ومعرفة العاقلة أن ينظر إلى إخوته لأبيه فيحملهم ما يحمل العاقلة فإن لم يحتملوها دفعت إلى بنى جده فإن لم يحتملوها دفعت إلى بنى جد أبيه ثم هكذا لا يدفع إلى بنى أب حتى يعجز من هو أقرب منهم ومن في الديوان ومن ليس فيه منهم سواء قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على العاقلة ولا ديوان في حياته ولا في حياة أبى بكر ولا صدر من ولاية عمر رضي الله عنه ولا أعلم مخالفا أن الصبي والمرأة لا يحملان منها شيئا وإن كانا موسرين وكذلك المعتوه عندي ويؤدى العاقلة الدية في ثلاث سنين من حين يموت القتيل ولا يقوم نجم من الدية إلا بعد حلوله فإن أعسر به أو مطل حتى يجد الإبل بطلت القيمة وكانت عليه الإبل ولا يحملها فقير وإن قضى بها فأيسر الفقير قبل أن يحل نجم منها أو افتقر غنى فإنما أنظر إلى الموسر يوم يحل نجم منها ومن غرم في نجم ثم أعسر في النجم الآخر ترك فإن مات بعد حلول النجم موسرا أخذ من ماله ما وجب عليه ولم أعلم مخالفا في أن لا يحمل أحد منهم إلا قليلا وأرى على مذاهبهم أن يحمل من كثر ماله نصف دينار ومن كان دونه ربع دينار لا يزاد على هذا ولا ينقص منه وعلى قدر ذلك من الإبل حتى يشترك النفر في البعير ويحمل كل ما كثر وقل من قتل أو جرح من حر وعبد لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حملها الأكثر دل على تحميلها الأيسر فإن كان الأرش ثلث الدية أدته في مضى سنة من يوم جرح المجروح فإن كان أكثر من الثلث الزيادة في مضى السنة الثانية فإن زاد على الثلثين ففي مضى السنة الثالثة وهذا معنى السنة ولا تحمل العاقلة ما جنى الرجل على نفسه.