لم يجعل له أن يروغ له لقمة دون أن يجلسه معه أو يكون بالخيار بين أن يناوله أو يجلسه وقد يكون أمر اختيار غير الحتم وهذا يدل على ما وصفنا من بيان طعام المملوك وطعام سيده والمملوك الذي يلي طعام الرجل مخالف عندي للمملوك الذي لا يلي طعامه ينبغي أن يناوله مما يقرب إليه ولو لقمة فإن المعروف أن لا يكون يرى طعاما قد ولى العمل فيه ثم لا ينال منه شيئا يرد به شهوته وأقل ما يرد به شهوته لقمة وغيره من المماليك لم يله ولم يره والسنة خصت هذا من المماليك دون غيره وفي القرآن ما يدل على ما يوافق بعض معنى هذا قال الله جل ثناؤه " وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه " ولم يقل يرزق مثلهم ممن لم يحضر وقيل ذلك في المواريث وغيرها من الغنائم وهذا أوسع وأحب إلى ويعطون ما طابت به نفس المعطى بلا توقيت ولا يحرمون ومعنى لا يكلف من العمل إلا ما يطيق يعنى والله أعلم إلا ما يطيق الدوام عليه لا ما يطيق يوما أو يومين أو ثلاثة ونحو ذلك ثم يعجز وجملة ذلك مالا يضر ببدنه الضرر البين وإن عمى أو زمن أنفق عليه مولاه وليس له أن يسترضع الأمة غير ولدها فيمنع منها ولدها إلا أن يكون فيها فضل عن ريه أو يكون ولدها يغتذى بالطعام فيقيم بدنه فلا بأس به وينفق على ولد أم ولده من غيره ويمنعه الإمام أن يجعل على أمته خراجا إلا أن يكون في عمل واجب وكذلك العبد إذا لم يطق الكسب قال عثمان بن عفان رضي الله عنه في خطبته " لا تكفلوا الصغير الكسب فيسرق ولا الأمة غير ذات الصنعة فتكسب بفرجها ".
صفة نفقة الدواب (قال الشافعي) رحمه الله: ولو كانت لرجل دابة في المصر أو شاة أو بعير علفه بما يقيمه فإن امتنع أخذه السلطان بعلفه أو بيعه فإن كان ببادية غنم أو إبل أو بقر أخذت على المرعى خلاها والرعي فإن أجدبت الأرض علفها أو ذبحها أو باعها ولا يحبسها فتموت هزلا إن لم يكن في الأرض متعلق وأجبر على ذلك إلا أن يكون فيها متعلق لأنها على ما في الأرض تتخذ وليست كالدواب التي لا ترعى والأرض مخصبة إلا رعيا ضعيفا ولا تقوم للجدب قيام الرواعي (قال) ولا تحلب أمهات النسل إلا فضلا عما يقيم أولادهن لا يحلبهن فيمتن هزلا.