باب فضل الصدقة في رمضان وطلب القراءة (قال الشافعي) أخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في شهر رمضان وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة في رمضان فيعرض عليه القرآن فإذا لقيه كان أجود بالخير من الريح المرسلة (قال الشافعي) وأحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء به ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم.
باب الاعتكاف (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن أبي الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأوسط من شهر رمضان فلما كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه قال صلى الله عليه وسلم " من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر " قال " وأريت هذه الليلة ثم أنسيتها " قال " ورأيتني أسجد في صبيحتها في ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر " فمطرت السماء من تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد قال أبو سعيد فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين في صبيحة إحدى وعشرين (قال الشافعي) وحديث النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أنها في العشر الأواخر والذي يشبه أن يكون فيه ليلة إحدى أو ثلاث وعشرين ولا أحب ترك طلبها فيها كلها وروى حديث عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدنى إلى رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان وقالت عائشة فغسلته وأنا حائض (قال الشافعي) فلا بأس أن يدخل المعتكف رأسه في البيت ليغسل ويرجل والاعتكاف سنة حسنة ويجوز بغير صوم وفي يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق (قال المزني) لو كان الاعتكاف يوجب الصوم وإنما هو تطوع لم يجز صوم شهر رمضان بغير تطوع وفي اعتكافه صلى الله عليه وسلم في رمضان دليل على أنه لم يصم للاعتكاف فتفهموا رحمكم الله ودليل آخر لو كان الاعتكاف لا يجوز إلا مقارنا للصوم لخرج منه الصائم بالليل لخروجه فيه من الصوم فلما لم يخرج منه من الاعتكاف بالليل وخرج فيه من الصوم ثبت منفردا بغير الصوم وقد أمر رسول اله صلى الله عليه وسلم عمر أن يعتكف ليلة كانت عليه نذرا في الجاهلية ولا صيام فيها (قال الشافعي) ومن أراد أن يعتكف العشر الأواخر دخل فيه قبل الغروب فإذا هل شوال فقد أتم العشر ولا بأس أن يشترط في الاعتكاف الذي أوجبه بأن يقول إن عرض لي عارض خرجت ولا بأس أن يعتكف ولا ينوى أياما متى شاء خرج واعتكافه في المسجد الجامع أحب إلى فإن اعتكف في غيره فمن الجمعة إلى الجمعة (قال) ويخرج للغائط والبول إلى منزله وإن بعد ولا بأس أن يسأل عن المريض إذا دخل منزله وإن أكل فيه فلا شئ عليه ولا يقيم بعد فراغه ولا بأس أن يشترى ويبيع ويخيط ويجالس العلماء ويحدث بما أحب ما لم يكن مأثما ولا يفسده سباب ولا جدال ولا يعود المرضى ولا يشهد الجنازة إذا كان اعتكافه واجبا (قال) ولا بأس إذا كان مؤذنا أن يصعد المنارة وإن كان خارجا وأكره الاذان بالصلاة للولاة وإن كانت عليه شهادة فعليه أن يجيب فإن فعل خرج من اعتكافه وإن مرض أو أخرجه السلطان واعتكافه واجب فإذا برئ أو خلى عنه بنى فإن مكث بعد برئه شيئا من غير عذر ابتدأ وإن خرج