كتاب اللقطة (قال الشافعي) رحمه الله: أخبرنا مالك عن ربيعة عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال " اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها " وعن عمر رضي الله عنه نحو ذلك (قال الشافعي) رحمه الله: وبهذا أقول والبقر كالإبل لأنهما يردان المياه وإن تباعدت ويعيشان أكثر عيشهما بلا راع فليس له أن يعرض لواحد منهما والمال والشاة لا يدفعان عن أنفسهما فإن وجدهما في مهلكة فله أكلهما وغرمهما إذا جاء صاحبهما (وقال) فيما وضعه بخطه لا أعلمه سمع منه والخيل والبغال والحمير كالبيعر لأن كلها قوى ممتنع من صغار السباع بعيد الأثر في الأرض ومثلها الظبي للرجل والأرنب والطائر لبعده في الأرض وامتناعه في السرعة (قال) ويأكل اللقطة الغنى والفقير ومن تحل له الصدقة وتحرم عليه قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب رضي الله عنه وهو من أيسر أهل المدينة أو كأيسرهم وجد صرة فيها ثمانون دينارا أن يأكلها وأن عليا رضي الله عنه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه وجد دينارا فأمره أن يعرفه فلم يعرف فأمره النبي بأكله فلما جاء صاحبه أمره بدفعه إليه وعلى رضي الله عنه ممن تحرم عليه الصدقة لأنه من صلبية بني هاشم (قال الشافعي) رحمه الله: ولا أحب لاحد ترك لقطة وجدها إذا كان أمينا عليها فعرفها سنة على أبواب المساجد والأسواق ومواضع العامة ويكون أكثر تعريفه في الجمعة التي أصابها فيها فيعرف عفاصها ووكاءها ووعدها ووزنها وحليتها ويكتبها ويشهد عليها فإن جاء صاحبها وإلا فهي له بعد سنة على أنه متى جاء صاحبها في حياته أو بعد موته فهو غريم إن كان استهلكها وسواء قليل اللقطة وكثيرها فيقول من ذهبت له دنانير إن كانت دنانير ومن ذهبت له دراهم إن كانت دراهم ومن ذهب له كذا ولا يصفها فينازع في صفتها أو يقول جملة إن في يدي لقطة فإن كان موليا عليه لسفه أو صغر ضمها القاضي إلى وليه وفعل فيها ما يفعل الملتقط فإن كان عبدا أمر بضمها إلى سيده فإن علم بها السيد فأقرها في يديه فهو ضامن لها في رقبة عبده (قال) فيما وضع بخطه لا أعلمه سمع منه لا غرم على العبد حتى يعتق من قبل أن له أخذها (قال المزني) الأول أقيس إذا كانت في الذمة والعبد عندي ليس بذى ذمة (قال الشافعي) رحمه الله فإن لم يعلم بها السيد فهي في رقبته إن استهلكها قبل السنة وبعدها دون مال السيد لأن أخذه اللقطة عدوان إنما يأخذ اللقطة من له ذمة (قال المزني) هذا أشبه بأصله ولا يخلو سيده من أن يكون علمه فإقراره إياها في يده يكون تعديا فكيف لا يضمنها في جميع ماله أو لا يكون تعديا فلا تعدو رقبة عبده (قال الشافعي) رحمه الله وإن كان حرا غير مأمون في دينه ففيها قولان أحدهما أن يأمر بضمها إلى مأمون ويأمر المأمون والملتقط بالانشاد بها. والقول الآخر لا ينزعها من يديه وإنما منعنا من هذا القول لأن صاحبها لم يرضه (قال المزني) فإذا امتنع من هذا القول لهذه العلة فلا قول له إلا الأول وهو أولى بالحق عندي وبالله التوفيق (قال المزني) رحمه الله وقد قطع في موضع آخر بأن على الإمام إخراجها من يده لا يجوز فيها غيره وهذا أولى به عندي
(١٣٥)