من يوم النحر ثم يأتوا من بعد الغد وهو يوم النفر الأول فيرمون لليوم الماضي ثم يعودوا فيستأنفوا يومهم ذلك ويخطب الإمام بعد الظهر يوم الثالث من يوم النحر وهو النفر الأول فيودع الحاج ويعلمهم أن من أراد التعجيل فذلك له ويأمرهم أن يختموا حجهم بتقوى الله وطاعته واتباع أمره فمن لم يتعجل حتى يمسى رمى من الغد فإذا غربت الشمس انقضت أيام منى وإن تدارك عليه رميان في أيام منى ابتدأ الأول حتى يكمل ثم عاد فابتدأ الآخر ولم يجزه أن يرمى بأربع عشرة حصاة في مقام واحد فإن أخر ذلك حتى تنقضي أيام الرمي وترك حصاة فعليه مد طعام بمد النبي صلى الله عليه وسلم لمسكين وإن كانت حصاتان فمدان لمسكينين وإن كانت ثلاث حصيات فدم وإن ترك المبيت ليلة من ليالي منى فعليه مد وإن ترك ليلتين فعليه مدان وإن ترك ثلاث ليال فدم والدم شاة يذبحها لمساكين الحرم ولا رخصة في ترك المبيت بمنى إلا لرعاء الإبل وأهل سقاية العباس دون غيرهم ولا رخصة فيها إلا لمن ولى القيام عليها منهم وسواء من استعمل عليها منهم أو من غيرهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص لأهل السقاية من أهل بيته أن يبيتوا بمكة ليالي منى ويفعل الصبي في كل أمره ما يفعل الكبير وما عجز عنه الصبي من الطواف والسعي حمل وفعل ذلك به وجعل الحصى في يده ليرمى فإن عجز رمى عنه وليس على الحاج بعد فراغه من الرمي أيام منى إلا وداع البيت فيودع البيت ثم ينصرف إلى بلده والوداع الطواف بالبيت ويركع ركعتين بعده فإن لم يطف وانصرف فعليه دم لمساكين الحرم وليس على الحائض وداع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لها أن تنفر بلا وداع وإذا أصاب المحرم امرأته المحرمة فغيب الحشفة ما بين أن يحرم إلى أن يرمى الجمرة فقد أفسد حجه وسواء وطئ مرة أو مرتين لأنه فساد واحد وعليه الهدى بدنة ويحج من قابل بامرأته ويجزى عنهما هدى واحد وما تلذذ منها دون الجماع فشاة تجزئه فإن لم يجد المفسد بدنة فبقرة فإن يجد فسبعا من الغنم فإن لم يجد قومت البدنة دراهم بمكة والدراهم طعاما فإن لم يجد صام عن كل مد يوما هكذا كل واجب عليه يعسر به ما لم يأت فيه نص خبر ولا يكون الطعام والهدى إلا بمكة أو منى والصوم حيث شاء لأنه لا منفعة لأهل الحرم في الصوم ومن وطئ أهله بعد رمى الجمار فعليه بدنة ويتم حجه (قال المزني) قرأت عليه هذه المسألة قلت أنا إن لم تكن البدنة إجماعا أو أصلا فالقياس شاة لأنها هدى عندي (قال الشافعي) ومن أفسد العمرة فعليه القضاء من الميقات الذي ابتدأها منه فإن قيل فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تقضى العمرة من التنعيم فليس كما قال إنما كانت قارنا وكان عمرتها شيئا استحسنته فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بها لا أن عمرتها كانت قضاء لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لها " طوافك يكفيك لحجك وعمرتك " (قال الشافعي) ومن أدرك عرفة قبل الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج واحتج في ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم " من أدرك عرفة قبل الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج " (قال) ومن فاته ذلك فاته الحج فأمره أن يحل بطواف وسعى وحلاق (قال) وإن حل بعمل عمرة فليس أن حجه صار عمرة وكيف يصير عمرة وقد ابتدأه حجا (قال المزني) إذا كان عمله عنده عمل حج لم يخرج منه إلى عمرة فقياس قوله أن يأتي بباقي الحج وهو المبيت بمنى والرمي بها مع الطواف والسعي وتأول قول عمر افعل ما يفعل المعتمر إنما أراد أن الطواف والسعي من عمل الحج لا أنها عمرة (قال الشافعي) ولا يدخل مكة إلا بإحرام في حج أو عمرة لمباينتها جميع البلدان إلا أن من أصحابنا من رخص للحطابين ومن يدخله لمنافع أهله أو كسب نفسه (قال الشافعي) ولعل حطابيهم عبيد ومن دخلها بغير إحرام فلا قضاء عليه.
(٦٩)