(قال الشافعي) وإن ضاق عن مبلغ العطاء فرقه بينهم بالغا ما بلغ لم يحبس عنهم منه شئ (قال) ويعطى من الفئ رزق الحكام وولاة الاحداث والصلاة لأهل الفئ وكل من قام بأمر أهل الفئ من وال وكاتب وجندي ممن لا غناء لأهل الفئ عنه رزق مثله فإن وجد من يغنى غناءه وكان أمينا بأقل لم يزد أحدا على أقل ما يجد لأن منزلة الوالي من رعيته منزلة والى اليتيم من ماله لا يعطى منه عن الغناء لليتيم إلا أقل ما يقدر عليه ومن ولى على أهل الصدقات كان رزقه مما يؤخذ منها لا يعطى من الفئ عليها كما لا يعطى من الصدقات على الفئ (قال) واختلف أصحابنا وغيرهم في قسم الفئ وذهبوا مذاهب لا أحفظ عنهم تفسيرها ولا أحفظ أيهم قال ما أحكى من القول دون من خالفه وسأحكي ما حضرني من معاني كل من قال في الفئ شيئا فمنهم من قال هذا المال لله تعالى دل على من يعطاه فإذا اجتهد الوالي ففرقه في جميع من سمى له على قدر ما يرى من استحقاقهم بالحاجة إليه وإن فضل بعضهم على بعض في العطاء فذلك تسوية إذا كان ما يعطى كل واحد منهم سد خلته ولا يجوز أن يعطى صنفا منهم ويحرم صنفا ومنهم من قال إذا اجتمع المال نظر في مصلحة المسلمين فرأى أن يصرف المال إلى بعض الأصناف دون بعض فإن كان الصنف الذي يصرفه إليه لا يستغنى عن شئ مما يصرفه إليه وكان أرفق بجماعة المسلمين صرفه وحرم غيره ويشبه قول الذي يقول هذا أنه إن طلب المال صنفان وكان إذا حرمه أحد الصنفين تماسك ولم يدخل عليه خلة مضرة وإن ساوى بينه وبين الصنف الآخر كانت على الصنف الآخر خلة مضرة أعطاه الذين فيهم الخلة المضرة كله (قال) ثم قال بعض من قال إذا صرف مال الفئ إلى ناحية فسدها وحرم الأخرى ثم جاءه مال آخر أعطاها إياه دون الناحية التي سدها فكأنه ذهب إلى أنه إنما عجل أهل الخلة وأخر غيرهم حتى أوفاهم بعد (قال) ولا أعلم أحدا منهم قال يعطى من يعطى من الصدقات ولا مجاهدا من الفئ وقال بعض من أحفظ عنه وإن أصابت أهل الصدقات سنة فهلكت أموالهم أنفق عليهم من الفئ فإذا استغنوا عنه منعوا الفئ ومنهم من قال في مال الصدقات هذا القول يرد بعض مال أهل الصدقات (قال الشافعي) رحمه الله: والذي أقول به وأحفظ عمن أرضى ممن سمعت أن لا يؤخر المال إذا اجتمع ولكن يقسم فإن كانت نازلة من عدو وجب على المسلمين القيام بها وإن غشيهم عدو في دارهم وجب النفير على جميع من غشيه أهل الفئ وغيرهم (قال الشافعي) رحمه الله أخبرنا غير واحد من أهل العلم أنه لما قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه مال أصيب بالعراق فقال له صاحب بيت المال ألا ندخله بيت المال؟ قال لا ورب الكعبة لا يأوى تحت سقف بيت حتى أقسمه فأمر به فوضع في المسجد ووضعت عليه الأنطاع وحرسه رجال من المهاجرين والأنصار فلما أصبح غدا معه العباس ابن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف آخذا بيد أحدهما أو أحدهما آخذ بيده فلما رأوه كشفوا الأنطاع عن الأموال فرأى منظرا لم ير مثله الذهب فيه والياقوت والزبرجد واللؤلؤ يتلألأ فبكى فقال له أحدهما إنه والله ما هو بيوم بكاء لكنه والله يوم شكر وسرور فقال إني والله ما ذهبت حيث ذهبت ولكن والله ما كثر هذا في قوم قط إلا وقع بأسهم بينهم ثم أقبل على القبلة ورفع يديه إلى السماء وقال اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجا فإني أسمعك تقول " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون " ثم قال أين سراقة بن جعثم؟ فأنى به أشعر الذرارعين دقيقهما فأعطاه سواري كسرى وقال ألبسهما ففعل فقال قل الله أكبر فقال الله أكبر قال فقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى ابن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابيا من بنى مدلج وإنما ألبسه
(١٥٣)