وقتله الحسن بن علي رضي الله عنه وفي الناس بقية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فما أنكر قتله ولا عابه أحد ولم يقد على وقد ولى قتال المتأولين ولا أبو بكر من قتله الجماعة الممتنع مثلها على التأويل على ما وصفنا ولا على الكفر وإن كان بارتداد إذا تابوا قد قتل طليحة عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم ثم أسلم فلم يضمن عقلا ولا قودا فأما جماعة ممتنعة غير متأولين قتلت وأخذت المال فحكمهم حكم قطاع الطريق (قال المزني) رحمه الله هذا خلاف قوله في قتال أهل الردة لأنه ألزمهم هناك ما وضع عنهم ههنا وهذا أشبه عندي بالقياس (قال الشافعي) رحمه الله: ولو أن قوما أظهروا رأى الخوارج وتجنبوا الجماعات وأكفروهم لم يحل بذلك قتالهم بلغنا أن عليا رضي الله عنه سمع رجلا يقول لا حكم إلا لله في ناحية المسجد فقال علي رضي الله عنه كلمة حق أريد بها باطل لكم علينا ثلاث لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم مع أيدينا ولا نبدؤكم بقتال (قال الشافعي) رحمه الله: ولو قتلوا واليهم أو غيره قبل أن ينصبوا إماما أو يظهروا حكما مخالفا لحكم الإمام كان عليهم في ذلك القصاص قد سلموا وأطاعوا واليا عليهم من قبل على ثم قتلوه فأرسل إليهم علي رضي الله عنه أن ادفعوا إلينا قاتله نقتله به قالوا كلنا قتله قال فاستسلموا نحكم عليكم قالوا لا فسار إليهم فقاتلهم فأصاب أكثرهم (قال الشافعي) رحمه الله: وإذا قاتلت امرأة منهم أو عبد أو غلام مراهق قوتلوا مقبلين وتركوا مولين لأنهم منهم ويختلفون في الأسئار ولو أسر بالغ من الرجال الأحرار فحبس ليبايع رجوت أن يسع ولا يسع أن يحبس مملوك ولا غير بالغ من الأحرار ولا امرأة لتبايع وإنما يبايع النساء على الاسلام فأما على الطاعة فهن لا جهاد عليهن فأما إذا انقضت الحرب فلا يحبس أسيرهم وإن سألوا أن ينظروا لم أر بأسا على ما يرجو الإمام منهم وإن خاف على الفئة العادلة الضعف عنهم رأيت تأخيرهم إلى أن تمكنه القوة عليهم ولو استعان أهل البغى بأهل الحرب على قتال أهل العدل قتل أهل الحرب وسبوا ولا يكون هذا أمانا إلا على الكف فأما على قتال أهل العدل فلو كان لهم أمان فقاتلوا أهل العدل كان نقضا لأمانهم وإن كانوا أهل ذمة فقد قيل ليس هذا نقضا للعهد قال وأرى إن كانوا مكرهين أو ذكروا جهالة فقالوا كنا نرى إذا حملتنا طائفة من المسلمين على أخرى أن دمها يحل كقطاع الطريق أو لم نعلم أن من حملونا على قتاله مسلم لم يكن هذا نقضا للعهد وأخذوا بكل ما أصابوا من دم ومال وذلك أنهم ليسوا بمؤمنين الذين أمر الله بالاصلاح بينهم وأتى أحدهم تائبا لم يقص منه لأنه مسلم محرم الدم (قال الشافعي) وقال لي قائل ما تقول فيمن أراد دم رجل أو ماله أو حريمه؟ قلت يقاتله وإن أتى القتل على نفسه إذا لم يقدر على دفعه إلا بذلك وروى حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير نفس " قلت هو كلام عربي ومعناه إذا أتى واحدة من الثلاث حل دمه فمعناه كان رجلا زنى محصنا ثم ترك الزنا وتاب منه وهرب فقدر عليه قتل رجما أو قتل عمدا وترك القتل وتاب منه وهرب ثم قدر عليه قتل قودا وإذا كفر ثم تاب فارقه اسم الكفر وهذا لا يفارقهما اسم الزنا والقتل ولو تابا وهربا (قال) ولا يستعان عليهم بمن يرى قتلهم مدبرين ولا بأس إذا كان حكم الاسلام الظاهر أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين وذلك أنه تحل دماؤهم مقبلين ومدبرين ولا يعين العادل إحدى الطائفتين الباغيتين وإن استعانته على الأخرى حتى ترجع إليه ولا يرمون بالمنجنيق ولا نار إلا أن تكون ضرورة بأن يحاط بهم فيخافوا الاصطلام أو يرمون بالمنجنيق فيسعهم
(٢٥٧)