الثالث: الخروج عن عموم المنع والحكم بالجواز في المؤبد في الجملة وأما المنقطع فلم ينصوا عليه وإن ظهر من بعضهم التعميم ومن بعضهم التخصيص بناء على قوله برجوع المنقطع إلى ورثة الواقف كالشيخ وسلار قدس سره، ومن حكم برجوعه بعد انقراض الموقوف عليه إلى وجوه البر كالسيد أبي المكارم بن زهرة فلازمه جعله كالمؤبد وكيف كان فالمناسب أولا نقل عبائر هؤلاء. فنقول قال المفيد في المقنعة: الوقوف في الأصل صدقات لا يجوز الرجوع فيها إلا أن يحدث الموقوف أدر [أعود] عليهم وأنفع لهم من تركه على حاله وإذا أخرج الواقف الوقف عن يده إلى من وقف عليه، لم يجز له الرجوع في شئ منه ولا تغيير شرائطه ولا نقله عن وجوهه وسبله متى اشترط الواقف في الوقف أنه متى احتاج إليه في حياته لفقر كان له بيعه وصرف ثمنه في مصالحه جاز له فعل ذلك وليس لأرباب الوقف بعد وفاة الواقف أن يتصرفوا فيه ببيع أو هبة أو يغيروا شيئا من شروطه إلا أن يخرب الوقف ولا يوجد من يراعيه بعمارة من سلطان أو غيره، أو يحصل بحيث لا يجدي نفعا فلهم حينئذ بيعه والانتفاع بثمنه. كذلك أن حصلت لهم ضرورة إلى ثمنه، كان لهم حله ولا يجوز ذلك مع عدم ما ذكرنا من الأسباب والضرورات انتهى كلامه رحمه الله.
وقد استفاد من هذا الكلام في غاية المراد تجويز بيع الوقف في خمسة مواضع وضم صورة جواز الرجوع وجواز تغير الشرط إلى المواضع الثلاثة المذكورة، بعد وصول الموقوف إلى الموقوف عليهم ووفات الواقف فلاحظ وتأمل.
ثم إن العلامة ذكر في التحرير أن قول المفيد بأنه لا يجوز الرجوع في الوقف إلا أن بحدث إلى قوله أنفع لهم من تركه على حاله متأول، ولعله من شدة مخالفته للقواعد لم يرتض بظاهره للمفيد، وقال في الإنتصار على ما حكى عنه، و مما انفردت الإمامية به القول بأن الوقف متى حصل له الخراب بحيث لا يجدي نفعا، جاز لمن هو وقف عليه بيعه والانتفاع بثمنه، وأن أرباب الوقف متى دعتهم ضرورة شديدة إلى ثمنه جاز لهم بيعه ولا يجوز لهم ذلك مع فقد الضرورة