الثاني: الخروج عن عموم المنع في المنقطع في الجملة خاصة دون المؤبد، و هو المحكي عن القاضي حيث قال في المحكي المهذب: إذا كان الشئ وقفا على قوم ومن بعدهم إلى غيرهم، وكان الواقف قد اشترط رجوعه إلى غير ذلك إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، لم يجز بيعه على وجه من الوجوه فإن كان وقفا على قوم مخصومين وليس فيه شرط يقتضي رجوعه إلى غيرهم حسب ما قدمناه، وحصل الخوف من هلاكه أو فساده، أو كان بأربابه حاجة ضرورية يكون بيعه أصلح لهم من بقائه عليهم، أو يخاف من وقوع خلف بينهم يؤدي إلى فساده، فإنه حينئذ يجوز بيعه وصرف ثمنه في مصالحهم على حسب استحقاقهم، فإن لم يحصل شئ من ذلك لم يجز بيعه على وجه من الوجوه، ولا يجوز هبة الوقف ولا الصدقة به أيضا، وحكى عن المختلف وجماعة نسبة التفصيل إلى الحلبي. لكن العبارة المحكية عن كافيه لا تساعده بل ربما استظهر منه المنع على الاطلاق فراجع.
وحكي التفصيل المذكور عن الصدوق والمحكي عن الفقيه أنه قال: بعد رواية علي بن مهزيار الآتية أن هذا وقف كان عليهم دون من بعدهم ولو كان عليهم وعلى أولادهم ما تناسلوا ومن بعد على فقراء المسلمين إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، لم يجز بيعه أبدا. ثم إن جواز بيع ما عدا الطبقة الأخيرة في المنقطع لا يظهر من كلام الصدوق والقاضي كما لا يخفى.
ثم إن هؤلاء إن كانوا ممن يقول برجوع الوقف المنقطع إلى ورثة الموقوف عليه فللقول، بجواز بيعه وجه، أما إذا كان فيهم من يقول برجوعه بعد انقراض الموقوف عليه إلى الواقف أو ورثته، فلا وجه للحكم بجواز بيعه وصرف الموقوف عليهم ثمنه في مصالحهم. وقد حكى القول بهذين عن القاضي إلا أن يوجه بأنه لا يقول ببقائه على ملك الواقف حتى يكون حبسا بل هو وقف حقيقي وتمليك للموقوف عليهم مدة وجودهم، وحينئذ فبيعهم له مع تعلق حق الواقف نظير بيع البطن الأول مع تعلق سائر حق البطون في الوقف المؤبد. لكن هذا الوجه لا يدفع الاشكال عن الحلبي المحكي عنه القول المتقدم حيث إنه يقول ببقاء الوقف مطلقا على ملك الواقف