والحاصل أن أخذ الجزء كان بأذن الشارع، وإنما أذن له على أن يكون من مال المقر له، ولعله لذا ذكر الأكثر بل نسبه في الإيضاح إلى الأصحاب في مسألة الاقرار بالنسب، أن أحد الأخوين إذا أقر بثالث دفع إليه الزائد عما يستحقه باعتقاده وهو الثلث، ولا يدفع إليه نصف ما في يده نظرا إلى أنه أقر بتساويهما في مال المورث، فكل ما حصل كان لهما وكلما توى كان كذلك هذا، ولكن لا يخفى ضعف هذا الاحتمال من جهة أن الشارع ألزم بمقتضى الاقرار معاملة المقر مع المقر له بما يقتضيه الواقع الذي أقر به.
ومن المعلوم أن مقتضى الواقع لو فرض العلم بصدق المقر: هو كان ما في يده على حسب اقراره بالمناصفة. وأما المنكر عالما فيكون ما في يده مالا مشتركا لا يحل له منه إلا ما قابل حصته عما في يدهما والزائد حق لهما عليه.
وأما مسألة الاقرار بالنسب فالمشهور وإن صاروا إلى ما ذكره، وحكاه الكليني عن الفضل بن شاذان على وجه الاعتماد، بل ظاهره جعل فتواه كروايته إلا أنه صرح جماعة ممن تأخر عنهم بمخالفته للقاعدة، حتى قوى في المسالك الحمل على الإشاعة وتبعه سبطه وسيد الرياض في شرحي النافع. والظاهر أن مستند المشهور بعض الروايات الضعيفة المنجبر بعمل أصحاب الحديث، كالفضل والكليني بل وغيرهما، فروى الصدوق مرسلا والشيخ مسندا عن أبي البختري ووهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل مات وترك ورثة، فأقر أحد الورثة بدين على أبيه أنه يلزم ذلك في حصته بقدر ما ورث ولا يكون ذلك في ماله كله. وإن أقر اثنان من الورثة وكانا عدلين أجيز ذلك على الورثة، وإن لم يكونا عدلين ألزما في حصتهما قدر ما ورثا، وكذلك إن أقر أحد الورثة بأخ أو أخت فإنما يلزمه ذلك في حصته. وبالإسناد قال: قال علي عليه السلام من أقر لأخيه فهو شريك في المال ولا يثبت نسبه، فإن أقر اثنان فكذلك، إلا أن يكونا عدلين فيثبت نسبه ويضرب في الميراث معهم، وعن قرب الأسناد رواية الخبرين عن السندي بن محمد وتمام الكلام في محله من كتاب الاقرار والميراث إن شاء الله.