ولا يخفى ظهور هذه الأخبار من حيث المورد في بعضها ومن حيث التعليل في بعضها الآخر، في عدم صحة
البيع قبل الاشتراء، وأنه يشترط في
البيع الثاني تملك البائع له واستقلاله، فيه، ولا يكون قد سبق منه ومن المشتري إلزام والتزام سابق لذلك المال والجواب عن العمومات أنها إنما تدل على عدم ترتب الأثر المقصود من
البيع وهو النقل والانتقال المنجز على
بيع ما ليس عنده، فلا
يجوز ترتب الأثر على هذا
البيع لا من طرف البائع بأن يتصرف في الثمن ولا من طرف المشتري بأن يطالب البائع بتسليم
المبيع، ومنه يظهر الجواب عن الأخبار {1} فإنها لا تدل خصوصا بملاحظة قوله عليه السلام ولا تواجبه
البيع قبل أن تستوجبها إلا على أن الممنوع منه هو الالزام والالتزام من المتبايعين بآثار
البيع المذكور قبل الاشتراء، فكذا بعده من دون حاجة إلى إجازة وهي المسألة الآتية أعني لزوم
البيع بنفس الاشتراء من البائع من دون حاجة إلى الإجازة وسيأتي أن الأقوى فيها
البطلان، وما قيل من أن تسليم البائع للمبيع، بعد اشترائه من المشتري الأول مفروض في مورد الروايات وهي إجازة فعلية مدفوع بأن التسليم إذا وقع باعتقاد
البيع السابق وكونه من مقتضيات لزوم العقد وأنه مما لا
اختيار للبائع فيه، بل يجبر عليه إذا امتنع فهذا لا يعد إجازة ولا يترتب عليه أحكام الإجازة في باب الفضولي، لأن المعتبر في الإجازة قولا وفعلا ما يكون عن سلطنة واستقلال، لأن ما يدل على اعتبار طيب النفس في صيرورة
____________________
{1} والمصنف قدس سره أجاب عنها أولا بما حاصلة: أنها تدل على المنع عن الإلزام والالتزام من المتبايعين بآثار البيع قبل الاشتراء، فكذا بعده من دون حاجة إلى الإجازة، وهذا لا ينافي الصحة مع الإجازة. ثم رجع عن ذلك والتزم بدلالتها على الفساد من جهة أن عدم ترتب الأثر المقصود على عقد إلا مع انضمام بعض الأمور اللاحقة كالقبض و الإجازة لا يقتضي النهي عنه بقول مطلق، بل لا بد من النهي عنه مقيدا بتجرده عن ذلك القيد. فاطلاق النهي يقتضي الفساد حتى مع الإجازة.
والحق في المقام أن يقال: إن الصحاح الثلاثة الأخيرة ظاهرة في إرادة بيع الكلي، وتدل على أنه لا يجوز بيع الكلي في الذمة ثم اشتراء بعض أفراده وتسليمه إلى