وإن قال: أنا ساحر أعمل السحر وأعتقد أنه حرام لكني أعمله، لم يكفر بذلك ولم يجب قتله، وقال بعضهم: هو زنديق لا تقبل توبته ويقتل، وقال قوم:
يقتل الساحر، ولم يذكروا هل هو كافر أم لا؟ وهو الموجود في أخبارنا، وقال قوم: السحر آلة يقتل به كالسيف والعصا وغير ذلك.
فإذا سحر رجلا فمات من سحره سئل:
فإن قال: سحري يقتل غالبا وقد سحرته وقتلته عمدا، فعليه القود كما لو أقر أنه قتله بالسيف عمدا، وقال قوم: لا قود عليه بناء على أصله أنه لا يقتل إلا إذا قتل بالسيف، وأما إذا قتل بالمثقل فلا قود لكنه قال: إن تكرر الفعل منه قتلته حدا لأنه بمنزلة الخناق، وهو من السعي في الأرض بالفساد، والأول يقتضيه مذهبنا.
وإن قال: سحري لا يقتل غالبا غير أنه قد يقتل وقد لا يقتل، والغالب أنه لا يقتل، قلنا: فهذا عمد الخطأ، فعليك الدية مغلظة حالة في مالك، لأنها تثبت باعترافك.
وإن قال: أنا أسحر وأقتل به غالبا وقد سحرت جماعة وقتلتهم به، ولم يعين أحدا فلا قود عليه، لأنه إذ لم يعين المقتول لم يكن هناك ولي يطالب به، والقتل بالإقرار إذا عين المقتول وهناك ولي يطالب به، وليس هاهنا واحد منهم، وقال قوم: أقتله هاهنا لأنه تكرر الفعل وأقتله حدا وهو قوي على أصلنا.
فإن قال: سحري يقتل لكنه لا يقتل غالبا وقد سحرت فلانا فمرض من سحري ولكنه مات بسبب آخر غير سحري، أقسم أولياؤه أنه مات منه، وكانت الدية في ماله إذا كان لازما على فراشه حتى مات، وإن كان يدخل ويخرج، فالقول قول الساحر مع يمينه، ولا دية عليه، وهو الأقوى.
وجملته أنه إذا سحر رجلا فمرض بسحره ثم مات واختلفا فقال الساحر:
مات من غير سحري، وقال الولي: بل من سحرك، فالحكم في هذه المسألة كما لو جرح رجلا وبقى مدة يندمل فيها ثم مات، فاختلفا فقال الولي: مات من السراية، وقال الجاني: اندمل ثم مات، فقد قلنا: إن كان مع الولي بينة أنه لم يزل