الثاني: ومنهم من قال: لا بد أن يحلف القاتل أنه قد عفا عن القود والمال لأنه قد يعفو عن الدية ولا يسقط حقه منها، ولا من القصاص.
إذا ادعى رجل على رجل أنه جرحه، قطع يده أو رجله أو قلع عينه، فأنكر وأقام المدعي شاهدين وهما وارثاه، أخواه أو عماه بذلك، لم يخل الجرح من أحد أمرين: إما أن يكون قد اندمل أو لم يندمل.
فإن شهدا بعد اندمال الجرح قبلنا وحكمنا بها للمشهود له، لأن شهادته للأخ مقبولة، وهذه الشهادة بعد الاندمال لا تجر نفعا ولا يدفع بها ضررا.
وإن كانت الشهادة قبل اندمال الجراحة لم تقبل هذه الشهادة لأنهما متهمان فإن الجرح قد يصير نفسا فيجب الدية على القاتل ويستحقها الشاهدان فلهذا لم تقبل.
فإن قبلت، نظرت: فإن سرت إلى النفس بطلت الشهادة، وإن اندمل الجرح لم يحكم بتلك الشهادة لأنها وقعت مردودة.
فإن أعادا الشهادة بذلك قال قوم: لا تقبل، لأنها ردت لأجل التهمة والشهادة إذا ردت لأجل التهمة لم تقبل فيما بعد، كما لو ردت لفسقه، وقال قوم:
إذا أعادها قبلت، وهو الصحيح عندنا، لأنه حين الشهادة كان متهما لأجل الميراث وقد زال ما يتهم لأجله بالاندمال، فوجب أن تقبل.
ويفارق الفاسق لأن التهمة في نفس الإقامة، وهاهنا التهمة لأجل الميراث وقد زال، فبان الفصل بينهما.
فرع:
إذا ادعى مريض على رجل مالا فأنكر المدعى عليه، فأقام المدعي شاهدين بذلك أخويه أو عميه وهما وارثاه، قال قوم: لا تقبل لأنهما متهمان، لأن المريض قد يموت فيكون المال لهما، وقال آخرون: مقبولة غير مردودة، وهو الأصح عندي لأنهما لا يجران منفعة ولا يدفعان مضرة، لأن الحق إذا ثبت ملكه المريض،