عند جميع الفقهاء إلا ابن أبي ليلى فإنه قال: عليه ضمانهما، ولو عضه كان له فك لحييه بيده الأخرى ليخلص يده، فإن لم يقدر كان له أن يلكم فكه لأنه موضع حاجة، فإن لم يقدر كان له أن يبعج بطنه.
وإن كان قد عض قفاه كان له أن يتحامل عليه برأسه مصعدا أو منحدرا، فإن لم يقدر كان له أن يلكم فكه، فإن لم يقدر بعج بطنه، فإن قدر على خلاص نفسه بغير بعج البطن فبعج كان عليه الضمان، وقال بعضهم: لا يضمن، والأول أصح لأنه لا حاجة به إلى ذلك.
إذا وجد الرجل مع امرأته رجلا يفجر بها وهما محصنان كان له قتلهما، و كذلك إذا وجده مع جاريته أو غلامه، وإن وجده ينال منها دون الفرج كان له منعه و دفعه عنها، فإن أبي الدفع عليه فهو هدر فيما بينه وبين الله تعالى.
فأما في الحكم فإن أقام البينة على ذلك فلا شئ عليه، وإن لم يكن له بينة فالقول قول ولي المقتول أنهم لا يعلمون ذلك منه، ولهم القود، لما روي أن سعدا قال: يا رسول الله أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: نعم.
ولو اطلع عليه رجل من ثقب فطعنه بعود أو رماه بحصاة وما أشبههما فذهبت عينه لم يضمن، وقال قوم: ليس له أن يفعل هذا فإن فعل ضمن، والأول مذهبنا، ولا فرق بين أن يكون الموضع الذي يطلع منه واسعا أو ضيقا، أو كيف ما كان، ولا فرق بين أن يطلع عليه من ملكه أو من غير ملكه أو من طريق، أو من طريق أو من غيره بعد أن يطلع على حريمه فالحكم فيه سواء.
فإن اطلع عليه فخذفه بحصاة أو بعود فذهبت عينه فلا شئ عليه، فإن مات من ذلك لم يكن عليه كفارة ولا إثم لأنه مات من جرح مباح.
فإن ارتدع عن الاطلاع لم يكن له أن يناله بشئ، ومتى ناله به كان عليه القود أو العقل إذا كان مما لا قود فيه، فإن طعنه في أول اطلاعه فجرحه جرحا أو رماه بحجر يقتل مثله كان عليه القود، لأنه إنما أذن له أن يناله بالشئ الخفيف الذي يردع