وعندهم على العاقلة، والكفارتان على الضارب، فإن كانت بالضد من هذا فاتفقا على أن الذي خرج حيا ثم مات هو الأنثى والذي خرج ميتا هو الذكر، وجبت دية امرأة كاملة، والغرة، والكفارتان على ما مضى ذكره من الخلاف.
فإن اختلفا فقال الوارث: الذي خرج حيا ثم مات هو الذكر، والذي خرج ميتا هو الأنثى، وخالف الضارب في ذلك، فإن كان مع الوارث بينة حكمنا بدية ذكر كاملة وبدية الجنين عن الأنثى، وإن لم تكن بينة كان القول قول الجاني، لأن الأصل ألا حياة والأصل براءة ذمة الضارب وذمة عاقلته عما زاد على الغرة، فإذا حلف حكمنا على الضارب بدية امرأة ودية جنين في الذكر.
وإن اعترف الجاني فقال: الذي خرج حيا ثم مات هو الذكر وفيه الدية كاملة والأنثى خرجت ميتة ففيها الغرة، وأنكرت عاقلته ذلك وقالت: بل الذي خرج حيا هو الأنثى، والذي خرج ميتا هو الذكر، ولم يكن مع الوارث بينة وكان الضرب خطأ محضا، عندنا كان القول قولهم مع أيمانهم، فإذا حلفوا لم يجب عليهم إلا دية الأنثى وغرة في الذكر، ووجب على الجاني بقية الدية التي اعترف بها وأنكرها العاقلة لأن العاقلة قد بينا أنها لا تعقل اعترافا.
إذا ضرب بطن امرأة فألقت جنينا حيا ممن يعيش مثله، وهو إذا كان له ستة أشهر فصاعدا، فإذا خرج هذا الجنين حيا ثم مات في الحال ففيه الدية كاملة، فإن كان خطأ على العاقلة، والكفارة في ماله، لأنا قد تحققنا جناية عقيب الضرب، والظاهر أنه مات من الضرب، كما نقول في من ضرب رجلا فمات عقيب الضرب وجب على الضارب القود، لأن الظاهر أنه مات من ضربه.
إذا كان الجنين حيا لكنه لا يعيش مثله، وهو إذا كان له أقل من ستة أشهر ثم مات عقيب الإسقاط، فإن فيه الدية كاملة كالتي قبلها سواء، لا فرق بينهما عندنا وعند الأكثر، وقال بعضهم: فيه الغرة، والأول هو الصحيح لأنا تحققنا حياته عقيب الضرب، وأنه مات من ضربه، لأنه لو لم يضربه ربما بقي وعاش فهو كما لو كان له ستة أشهر.