ذلك حق لهما فهدر بفعلهما، وهذه جناية على الغير فلم يهدر منه شئ، لأنهما اشتركا في قتل كل واحد من الجنين.
فإذا تقرر هذا فعلى كل واحدة منهما أربع كفارات، لأن كل واحدة منهما شاركت صاحبتها في قتل أربعة أنفس قتل نفسها وقتل صاحبتها، وقتل جنينها وجنين صاحبتها، فيكون عليهما ثماني كفارات، وعلى مذهبنا لا كفارة أصلا.
قد مضى أن الواجب في الجنين الدية إما مائة دينار أو غرة، فمن أوجب الغرة احتاج إلى بيان فصلين سنها وصفتها.
أما سنها فلها سبع أو ثمان، وهو بلوغ حد التخيير بين الأبوين، فإن كان لها أقل من هذا لم يقبل لقوله عليه السلام: في الجنين غرة عبد أو أمة، والغرة من كل شئ خياره، ومن كان لها دون هذا السن، فليست من خيار العبد وأما أعلى السن فإن كانت جارية فما بين سبع إلى عشرين، وإن كان غلاما فما بين سبع إلى خمس عشرة سنة، لأن الغرة فيهما إلى هذا السن، وقال بعضهم: إن الشاب والكهل والشيخ الجلد كل هؤلاء من الغرر، لأنه قد يكون من خيار العبيد لعقله وفضله وجلده ورأيه.
فأما صفتها فإن تكون سالمة من العيوب لأن الغرة غير المعيب، وأما الخصي فلا يقبل منه سواء سلت بيضتاه أو قطع ذكره أو سلتا وقطع الذكر، لقوله غرة وهذا ناقص.
وأما قيمتها فنصف عشر دية الحر المسلم خمسون دينارا ولا يقبل منه دون هذه القيمة لأنه أدنى مقدر ورد به الشرع، وفي الجنايات نصف عشر الدية أرش موضحة، هذا في جنين المسلم.
فإن كان الجنين كافرا مضمونا اعتبرنا بابويه، وأوجبنا عشر دية أبيه، وعندهم عشر دية أمه أو نصف عشر دية أبيه، وتكون غرة عندهم بهذا القدر، وإن كان جنين مجوسي فلا يكون غرة بنصف عشر ديته لأنه أربعون درهما فأخذ هذا المقدار لأنه موضع ضرورة، هذا إذا كان بين أبوين متفقين في قدر الدية.