إذا ضرب بطن امرأة فألقت جنينا حرا مسلما.
فإن استهل - أي صاح وصرخ - ثم مات ففيه الدية كاملة إن كان ذكرا، وإن كان أنثى فديتها عندنا في ماله، وعندهم على العاقلة، والكفارة في ماله بلا خلاف، وفي وجوب الدية كله إجماع.
وأما إن لم يستهل نظرت فإن كان فيه حياة مثل أن يتنفس أو شرب اللبن فالحكم فيه كما لو استهل عندنا وعند جماعة، وقال بعضهم: فيه الغرة ولا تجب فيه الدية كاملة.
فإذا ثبت هذا فإن استهل أو تحقق حياته ومات عقيب الإسقاط فالحكم على ما مضى، وإن مضت مدة ثم مات ثم اختلف وارثه والجاني، فقال الوارث: مات من جنايتك، وأنكر الجاني، نظرت: فإن كان مع الوارث بينة أنه لم يزل ضمنا وجعا متألما حتى مات فالقول قول الوارث، وإن لم يكن له بينة فالقول قول الجاني، لأن الأمر محتمل، والأصل براءة ذمته، ويقبل هاهنا من البينة ما يقبل على الولادة شاهدان أو شاهد وامرأتان أو أربع نسوة، وقال بعضهم: لا يقبل إلا قول الرجلين، والأول أصح عندنا، هذا إذا خرج وفيه حياة.
فأما إن خرج يختلج ولم يسمع له نفس، فهذا ميت، لأنه قد يختلج الشئ من غيره، ألا ترى أن من أخذ قطعة من لحم فعصرها في يده ثم أرسلها اختلجت، فكذلك هذا المولود قد خرج من مكان ضيق في مسلك حرج ضيق فاحتمل أن يكون اختلاجه لذلك لا لأنه حي، فلا توجب فيه الدية بالشك.
فإذا ثبت أن فيه الدية الكاملة إذا استهل، والغرة إذا لم تعلم حياته، فقد فرع على هذين الموضعين، فقيل: إذا ألقت جنينا ومات، واختلف وارثه والجاني، فقال الوارث: استهل ثم مات، ففيه كمال الدية، وقال الجاني: ما استهل وليس فيه غير الغرة، فالقول قول الجاني، لأن الأصل أنه ما استهل والأصل براءة ذمته، فإن اعترف الجاني بذلك وجبت الدية كاملة تكون في ماله عندنا وعندهم يكون على عاقلته منها بقدر الغرة خمسون دينارا، والباقي عليه لأن العاقلة لا تعقل