بهما حرين.
فأما إن كانا عبدين لغير مالك السفينة، فالحكم في العبدين كالحكم في الحرين حرفا بحرف، في جميع ما قلناه إلا في فصل، وهو محل الضمان، فإن الديات وقيمة المتلف كلها تتعلق برقبة العبد، وفي الحر بخلافه، تكون الدية على عاقلة الحر وفي المملوك رقبة العبد.
فأما إن اصطدمتا من غير تفريط: وهو أن تسير السفينتان بعدة وافية من رجال وآلة وعدل بهما عن سمت الاصطدام فهاجت الريح وغلب الموج وخرج الأمر عن أيديهم وقهرتهم الريح فاصطدمتا وتكسرتا قال قوم: عليهما الضمان، وقال آخرون: لا ضمان عليهما، وهو الأقوى عندي، فمن قال: عليهما الضمان فالحكم فيه كما لو كانا مفرطين وقد مضى، وتكون الدية هاهنا مخففة مؤجلة على عاقلتهما والكفارة في أموالهما، ومن قال: لا ضمان فلأن التلف كان من غير تفريط وفيها أربع مسائل:
الأولى: إذا كانت السفينتان وما فيهما لهما، فلا ضمان على واحد منهما، فإن ما قابل جنايته على ماله هدر، وما قابل جنايته على مال غيره مضمون.
الثانية: كانت السفينتان معهما بأجرة وكان ما فيهما من الأموال ودائع ومضاربات فلا ضمان أيضا لأن جميع ذلك لا يضمن إلا بالتفريط.
الثالثة: كانت السفينتان معهما بأجرة، وما كان فيهما من الأموال حملاها بأجرة إلى بلد، فعلى هذا كل واحد منهما أجير مشترك فالسفينتان لا ضمان عليهما لأنهما معهما بأجرة، وأما الأموال فإن كانت يد أصحابها عليها فلا ضمان أيضا لأن الأجير المشترك لا يضمن ما يعمل فيه إذا كانت يد صاحبه عليه، وإن لم تكن يد صاحبه عليه قال قوم: يضمن، وقال آخرون: لا يضمن، وهو مذهبنا لأنهما ما فرطا.
الرابعة: لم تكن السفينتان معهما بأجرة بل جعل المتاع فيهما أصحاب المتاع، واستؤجرا ليسيراهما من مكان إلى مكان، فكل واحد منهما أجير