فقال له عبد الرحمان بن عوف: إنما أنت مؤدب فلا شئ عليك، فقال لعلي عليه السلام: ما تقول؟ فقال: إن علموا فقد غشوك وإن اجتهدوا فقد أخطؤوا عليك الدية، فقال لعلي: عزمت عليك أن لا تقوم حتى تقسمها على قومك فهم قومي فأضافهم إليه انبساطا إليه وتقربا.
إذا شهر سيفه في طلب رجل ففر من بين يديه فألقى نفسه من سطح أو جبل أو في بئر أو نار فهلك فلا ضمان على الطالب، لأنه إنما ألجأه إلى الهرب وما ألجأه إلى الوقوع، بل ألقى نفسه في مهلكة باختياره، فالطالب صاحب سبب والواقع مباشرة، ومتى اجتمعت مباشرة وسبب غير ملجئ فلا ضمان على صاحب السبب كالحافر والدافع فإن الضمان على الدافع دون الحافر.
فإن كانت بحالها وكان المطلوب أعمى فوقع فالضمان على الطالب لأنه سبب ملجئ فإن الأعمى لم يعلم ذلك، ولا اختار إيقاع نفسه في مهلكة، وإذا كان السبب ملجئا تعلق الضمان بصاحب السبب كما لو حفر بئرا فوقع فيها أعمى، فعلى الحافر الضمان لأنه ألجأه إلى الوقوع، ويفارق إذا كان بصيرا لأنه ما ألجأه إلى الوقوع فلهذا لم يضمن.
فوزان الأعمى من البصير أن يكون البصير وقع في بئر لم يعرفها أو انخسف السقف من تحته فوقع، فإن الضمان على صاحب السبب لأنه ألجأه إليه، فكان كالأعمى سواء.
وإذا طلب بصيرا فهرب منه فاعترضه سبع فقتله فلا ضمان على الطالب، سواء كان المطلوب بصيرا أو أعمى، لأن السبع له قصد واختيار، فكان من الطالب سبب غير ملجئ، ومن السبع المباشرة، فلا ضمان على سبب كالدافع والحافر سواء، فإن اضطره إلى مضيق مع السبع فعليه الضمان، لأن السبع يفترس في المضيق غالبا.
لو رمى به من شاهق - والغالب أنه إذا وقع على الأرض هلك - فاعترضه من تحته رجل بالسيف فقده بنصفين فهلك، قال قوم: عليهما الضمان سواء لأنه