والقدم فالقصاص فيه واجب، والكلام في كيفيته على ما شرحناه سواء، وإن عفا كان فيه حكومة دون المقدر عندهم، وعندنا فيه مقدر شرحناه في النهاية وتهذيب الأحكام، وقال بعضهم: لا قصاص في الجراح في البدن وفيه حكومة.
إذا شجه دون الموضحة مثل أن شجه متلاحمة قال قوم: فيه القود، وقال آخرون: لا قود فيها، والأول أقوى للظاهر، ومن قال: لا قصاص فيها، قال: لأنه يفضى إلى أخذ موضحة بمتلاحمة، وذلك أنه قد يكون رأس المشجوج غليظ الجلد كثير اللحم فيكون سمك المتلاحمة فيها نصف أنملة، ويكون رأس الشاج رقيق الجلد قليل اللحم فيكون سمك الموضحة فيه نصف أنملة أو أقل، فإذا أقدنا منه شجة سمكها نصف أنملة أوضحناه بمتلاحمة وهذا لا سبيل إليه.
فإذا ثبت أنه لا قصاص فيها فإن لم يعلم قدرها من الموضحة ففيها الحكومة، وهو أن يصبر حتى يندمل ثم يقومه عبدا وحرا على ما يأتي ذكره، ويأخذ منه الحكومة، وإن علمت قدرها من الموضحة وإنما يعلم ذلك بأن يكون برأس المشجوج موضحة بقرب هذه المتلاحمة، فيدخل الميل في الموضحة فيعرف قدر سمكها، ثم يدخل الميل في المتلاحمة فيعرف قدر سمكها. ثم يعتبر السمكين بحساب ذلك، فيعرف قدرها، فإن كان نصف موضحة أخذ منه نصف دية موضحة، وما زاد أو نقص فبحسابه.
وإن أشكل الأمر قال قوم: ينظر فإن تحققنا النصف وشككنا في الزيادة رجعنا إلى التقويم، فإن كانت القيمة نصف موضحة علمنا أنها نصف موضحة والشك مطروح، وإن كانت القيمة أقل من نصف موضحة، تبينا الغلط في التقويم، لأنا قد تحققنا النصف فلا نتركه بغير يقين، وإن بان التقويم أكثر من نصف موضحة تبينا أن الزيادة على النصف كانت موجودة وصار ما شككنا فيه من الزيادة معلوما، وأخذنا القيمة كما لو قطع بعض لسانه فتحققنا الثلث، وشككنا في الزيادة، فاعتبرناه بالحروف، فبان نقصان النصف زال الشك باليقين، وأوجبنا النصف.