عفا له عنه، وكذلك إن أخذ الدية كان له الدية إلا القدر المعفو عنه.
وقال المخالف: لا قصاص لوليه على الجاني، لأن الجناية إذا صارت نفسا كانت بمنزلة الجناية الواحدة، ولو كانت واحدة تقتل بها فعفا عن بعضها سقط القود في الكل، فكذلك هاهنا، ولأن المجني عليه إذا عفا ثم سرى إلى نفسه كانت السراية عن جناية لا قصاص فيها، وهذه لا توجب القصاص كما لو كانت خطأ، أو جنى والد على ولده، فإذا ثبت أنه لا قصاص على الجاني كان لولي المجني عليه أن يرجع على الجاني فينظر فيه، فإن كان المجني عليه عفا على مال كان لوليه أن يرجع بكمال الدية، وإن كان عفوه على غير مال كان لوليه أن يرجع بنصف الدية لأن المجني عليه قد عفا عن نصفها، هذا إذا كانت الجناية توجب القود.
فأما إن كانت عمدا لا يوجب القود مثل أن يقطع يده من نصف الساعد أو جرحه في عضده أو ظهره، ثم عفا المجني عليه عن القصاص ثم مات العافي فلوليه القصاص هاهنا، لأن عفوه عن القصاص كلا عفو، فإنه عفا عن القصاص فيما لم يجب له فيه القصاص، ويكون وليه بالخيار بين القصاص والعفو، فإن قتل فلا كلام وإن عفا على مال وجبت له كمال الدية.
فإن قطع يد رجل ثم إن المجني عليه عفا عن القاطع فعاد القاطع فقتل العافي، قال قوم: لولي المقتول القصاص والعفو على مال، فيكون له كمال الدية، لأن القتل عنده بعد الجرح بمنزلة قتله بعد اندمال الجرح، فكأنه قتله قبل أن قطع يده، وإن قتله قبل القطع كان وليه بالخيار كذلك هاهنا، وقال بعضهم: لا قصاص عليه في النفس، لكن لوليه نصف الدية، أما القصاص يسقط لأن القتل بعد القطع بمنزلة السراية فهو كالجناية الواحدة عفا عن بعضها فسقط القصاص عن جميعها، وأما الدية فله نصف الدية لأنه بالعفو قد استوفى نصف الدية، والصحيح عندهم غير هذين، وهو أن لوليه القصاص أو العفو على نصف الدية وهو مذهبنا.