أما القصاص فلأن القصاص في الطرف لا يدخل في قصاص النفس، بدليل أنه لو قطع يده فسرى إلى نفسه كان لوليه القطع والقتل معا، فلما عفا عن القصاص في الطرف لم يدخل في قصاص النفس، فكان له القصاص فيها، ويفارق الدية لأن أرش الطرف يدخل في بدل النفس، بدليل أنه لو قطع يده فسرى إلى نفسه كان فيه دية النفس لا غير، ولم يستحق دية اليد ودية النفس أيضا، فلهذا دخل أرش الطرف في دية النفس، فأوجبنا عليه نصف الدية فبان الفصل بينهما.
إذا اشترك نفسان في قتل نفس لم يخل من ثلاثة أحوال: إما أن يكونا ممن لو قتله كل واحد منهما قتل به، أو لا يقتل به واحد منهما، أو يقتل به أحدهما دون الآخر.
فإن كان كل واحد منهما ممن يقتل به مثل حرين قتلا حرا أو عبدين قتلا عبدا أو مشركين قتل مشركا قتلا معا به.
وإن كان كل واحد منهما ممن لا يقتل به مثل حرين قتلا عبدا أو مسلمين قتلا مشركا أو أب وجد قتلا ولدا، فلا قصاص على واحد منهما، وهكذا لو كانا ممن يقتلان به فقتلا خطأ أو عمد الخطأ فلا قصاص.
وإن كان أحدهما لو انفرد بقتله قتل به دون الآخر لم يخل من أحد أمرين:
إما أن يكون القود لم يجب على أحدهما لمعنى فيه أو في فعله، فإن كان لمعنى فيه مثل أن شارك أجنبيا في قتل ولده أو نصرانيا في قتل نصراني أو عبدا في قتل عبد، فعلى شريكه القود دونه، وإن كان القود لم يجب عليه لمعنى في فعله مثل أن كان عمدا محضا شارك من قتله خطأ أو عمد الخطأ فلا قود على واحد منهما، وقال بعضهم: على العامد القود، سواء سقط عن شريكه لمعنى فيه أو في فعله، وهو الأقوى عندي.
فأما إذا قتله ومعه صبي أو مجنون وكان القتل عمدا منهما، فالكلام أولا في حكم قتل الصبي والمجنون، هل له عمد أم لا؟ أما قتله عمدا فهو مشاهد، لكن