إذا قطع واحد يده وآخر رجله، وأوضحه الثالث فسرى إلى نفسه فهم قتلة كلهم، وولي المقتول مخير بين أن يقتص أو يعفو، فإن اقتص كان له أن يقتص في الجراح فيقطع القاطع ثم يقتله ويوضح الذي أوضحه ثم يقتله، لأن القصاص هذا، وإن عفا نظرت فإن عفا عن الكل أخذ الدية أثلاثا، وإن عفا عن واحد على ثلث الدية كان له قتل الآخرين، غير أن عندنا أنه يحتاج أن يرد فاضل الدية.
إذا قطع واحد يده وآخر رجله وأوضحه الثالث، ثم اندملت الموضحة وسرى القطعان إلى نفسه فمات، فلوليه مع صاحب الموضحة الخيار بين أن يقتص منه موضحة وبين أن يعفو على مال، وأما الآخران فهما قاتلان، لأن التي اندملت لا سراية لها بعد الاندمال، فلا قود على صاحبها، ويكون الآخران كأنه لا ثالث معهما، والحكم على ما مضى.
فإن كانت بحالها، فادعى صاحب الموضحة أن الموضحة اندملت والسراية من القطعين، فصدقه الولي وكذبه القاطعان، نظرت في ما يختار الولي.
فإن اختار القصاص بعد تصديقه على القاطعين، كان له، لأنه لا ضرر عليهما في نفوذ تصديقه فإن للولي القصاص منهما، وله العفو كيف اختار، لأنها لو كانت اندملت أو عفا على مال فالقود على هذين، وإن لم تكن اندملت فلوليه أن يقتلهما ويعفو عن الثالث.
وإن اختار الولي العفو على مال لم يقبل منه ولم ينفذ تصديقه على القاطعين وكان القول قولهما أنها ما اندملت، لأنه يجر إلى نفسه وعليهما ضرر فيما يذكره، أما الجر فإنه يأخذ من هذين كمال الدية ومن الذي صدقه أرش جنايته، ولو لم يندمل لم يكن له أكثر من الدية، وأما الضرر عليهما فإنهما إذا لم تندمل كان عليهما ثلثا الدية، وإذا اندملت فعليهما كمال الدية، فكان عليهما ضرر في تصديقه، ولهذا لم ينفذ تصديقه عليهما.
إذا اشترك جماعة في جرح يوجب القود على الواحد، كقلع العين وقطع