المدعي اشتراها من عمرو، قضينا بها للمدعي، وأسقطنا يد زيد من هذه الأقسام الثلاثة لأنها إن شهدت أن عمروا باعه إياه أو هي ملكه، فقد ثبت ملكها للمدعي حتى يعلم زواله، وهكذا لو شهدت بأنه تسلمها منه، لأن الظاهر أنها حصلت في يد المدعي حتى يعلم كيف زالت، وهكذا إن شهدت بأنها ملك المدعي اشتراها من عمرو، فهذا أوكد، لأنها شهدت بالملك وسبب الملك.
قالوا: فهذه الشهادة للمدعي حقيقتها شهادة بأنها كانت ملكه فكيف قبلناها؟
قيل: الفصل بينهما أنه إذا قامت البينة أنه ابتاعها من عمرو فكانت ملك عمرو يومئذ ففي ضمن هذا أنه تملكها عنه ولا يعلم زوال ملكه عنها، فهو كما لو قطعت فقالت: ولا نعلم زوال ملكه عنها، وليس كذلك إذا قال: كانت ملكا لفلان لأن هذا اللفظ لا يقتضي استدامة الملك إلى حين ما شهدت فأما إن شهدت بينة المدعي بأن عمروا باعها منه أو وقفها على فلان، لم يحكم له بالملك بذلك، لأن الإنسان قد يفعل فيما ليس بملك له، فلا يزيل الملك عن يد المدعى عليه بأمر متوهم مظنون.
إذا قال: لفلان علي ألف درهم وقد قضيتها، فقد اعترف بألف وادعى قضاءها فلا يقبل قوله في القضاء، لأنه قد أقر بألف وادعى قضاءها فقبل قوله فيما عليه دون ماله، وقال قوم: يقبل منه لأنه لما ثبت بقوله صح أن يسقط بقوله، كقوله له: علي مائة إلا تسعين، فإن الاستثناء يقبل منه كذلك والأول أصح عندنا.
فإذا تقرر هذا، فإذا ادعى على غيره مائة فقال: قضيتك منها خمسين فقد اعترف بها، لأنه لا يقول قضيتك خمسين إلا عما لزمه وحصل به في ذمته ولكنه وصل بإقراره القضاء، فهل يقبل منه؟ على قولين: أحدهما - وهو الصحيح - أنه لا يقبل، والثاني يقبل، فأما الكلام في الخمسين الباقية، فلا يكون مقرا بها، لأن قوله:
قضيتك منها خمسين، يحتمل قضيتك مما ادعيت، ويحتمل قضيتك مما علي خمسين، فإذا احتمل الأمرين لا يلزمه، لأنا لا نلزمه حقا بالشك.
فإن اختلف المكري والمكتري في شئ من الدار المكراة نظرت: فإن كان