رجل ادعى دارا في يد رجل فأنكر، فأقام المدعي بينة أنها ملكه منذ سنة فجاء آخر فادعى أنه اشتراها من المدعي منذ خمس سنين، حكمنا بزوال يد المدعى عليه ببينة المدعي، لأن بينة أولى من يده، ثم ينظر في بينة المدعي الثاني، وهو المشتري من المدعي الأول كيف شهدت له؟ فإن شهدت بأنه اشتراها من الأول وهي ملكه، حكم بها للمشتري الثاني، وهو المدعي الثاني، لأن بينة المدعي أسقطت يد المدعى عليه وصارت اليد للمدعي، ولأن المدعي ببينة أثبت ملكه منذ سنة، ولا ينفي أن يكون الدار ملكا له قبل السنة، وقد شهدت بينة المشتري أن المدعي باعها يوم باعها وهي ملكه، فكلا البينتين أثبت الملك للمدعي، ثم نقلته عنه بينة المشتري إلى المشتري، فكانت ملكا للمشتري.
فإن كانت بحالها وشهدت بينة المشتري بأن المدعي باعها حين باعها، وكان متصرفا تصرف الملاك، فالحكم على ما مضى في التي قبلها كما لو شهدت بأنه باع ملكه، لأن الظاهر أن ما في يديه له.
فإن كانت بحالها ولم تشهد بينة المشتري بملك ولا يد، لكن تشهد بالشراء فقط، فالحكم أيضا على ما مضى، ويحكم بها للمشتري أيضا، وقال قوم: يقر في يد المدعي، ولا يقضى بها للمشتري، لأن البينة إذا لم تشهد بغير البيع المطلق، لم يدل على أنه باع ملكه، ولا أنها كانت في يديه حين باع، لأنه قد يبيع ملكه وغير ملكه وهذا قوي أيضا.
رجلان تنازعا شاة مسلوخة فقال كل واحد منهما: كلها لي، وفي يد أحدهما منها الرأس والجلد والسواقط، وفي يد الآخر ما بقي منها، وأقام كل واحد بينة بما يدعيه، حكمنا لكل واحد منهما بقدر ما في يديه منها، لأن له بما في يديه منها اليد والبينة، وله بما في يد صاحبه بينة بلا يد، وكانت بينة الداخل في كل واحد منهما أولى، وقال قوم: أقضي لكل واحد منهما بما في يد صاحبه، لأنه خارج وبينة الخارج أولى وهو الأليق بمذهبنا، هذا إذا كان التداعي مطلقا.
فإن كانت بحالها، وكان التداعي نتاجا فقال كل واحد منهما: ملكي نتجت