النصف الآخر، فإما أن تسقطا أو تستعملا.
فمن قال: تسقطان، فكأنه لا بينة لواحد منهما في ذلك، ولكن البينة التي شهدت له بالكل قد سقطت في النصف، وقال قوم: يسقط في النصف الآخر كما لو شهدت به، فردت للتهمة في نصفه، فإنه يرد في النصف الآخر، وقال آخرون: لا يرد، وهو الصحيح عندنا، لأن الشهادة ما ردت هاهنا للتهمة، وإنما سقطت للتعارض، وهذا لا يسقطها لأنا إذا قلنا تستعملان قسمنا بينهما فأعطينا كل واحد منهما نصف ما شهدت له به، فلا يقال تسقط البينة لأنا لم نقبلها في الكل مع أنا قد بينا فيما تقدم أن الشهادة إذا ردت في البعض للتهمة لم ترد في البعض الذي لا تهمة فيه عندنا.
ومن قال: تستعملان إما بالقرعة أو الإيقاف أو القسمة، فعندنا أنه يقرع، فمن خرجت قرعته قدمناه، وهل يحلف؟ على قولين أحوطهما عندنا اليمين، ومن قال:
توقف، وقفها لأنه مال، ومن قال: يقسم، قسم النصف بينهما نصفين فيصير لمن ادعى الكل ثلاثة أرباعها، ولمن ادعى النصف ربعها.
إذا كانت الدار في يد ثلاثة فادعى أحدهم النصف، والآخر الثلث، والآخر السدس، فإن جحد بعضهم بعضا كانت بينهم أثلاثا عند قوم، وهذا غلط عندنا لأنه لا يجوز أن يدعي واحد سدسا فيقضي له بثلثها، اللهم إلا أن نفرض أن صاحب النصف يقول: لي نصفها ويدي على كلها النصف منها لي والنصف وديعة لفلان الغائب، وقال صاحب الثلث: يدي على كلها والثلث منها لي والباقي وديعة لفلان الغائب، وقال صاحب السدس: يدي على كلها السدس لي منها والباقي لفلان الغائب.
فحينئذ يقضى بها أثلاثا، لأن صاحب النصف يده على ثلثها، وهو يدعي ما يد صاحبه عليه، فلا يقبل قوله، وصاحب الثلث يده على ثلثها، وهو يدعي ما يد صاحبه عليه فلا يقبل قوله، وصاحب السدس يده على الثلث وهو يدعي السدس ويقر بالباقي للغير فيقبل قوله، لأن من أقر بشئ في يديه قبل قوله وأقر الباقي في