لهما، وإن اعترف لهما أو لأحدهما وأقر الآخر أو جحد الآخر فالحكم على ما مضى غير مرة.
ومن قال: تستعملان، إما بالقرعة أو الوقف أو القسمة، فمن أقرع - وهو مذهبنا - فمن خرجت قرعته هل يحلف؟ على قولين أقواهما عندنا أن يحلف، ومن قال:
تقسم قسمت بينهما نصفين، ومن قال: توقف، أوقف.
إذا ادعى زيد شاة في يدي عمرو فأنكر وأقام زيد البينة أن الشاة له وملكه حكمنا له بها لأن بينته أولى من يد عمرو، فإن أقام عمرو البينة بعد هذا أن الشاة ملكه نقض الحكم وردت الشاة إلى عمرو لأن عمرا كانت له اليد ولزيد بينة بغير يد، وقد ظهر أنه كان لعمرو مع يده بينة، فظهر أن بينة عمرو الداخل، وبينة زيد الخارج، وبينة الداخل أولى، فلهذا قضي بها لعمرو دون زيد.
زيد ادعى شاة في يد عمرو فأنكر عمرو، فأقام زيد البينة أنها ملكه، وأقام عمرو البينة أن حاكما من الحكام حكم بها له على زيد وسلمها إليه، قال بعضهم: ينظر في حكم ذلك الحاكم الذي حكم بها لعمرو على زيد، كيف وقع؟
فإن قال عمرو: لي وكانت في يد زيد فأقمت البينة أنها ملكي فقضي لي بها عليه، لأنه إنما كان له بها يد دون البينة، نقض حكمه به لعمرو، وردت إلى زيد، لأنه قد بان أنه كان لزيد يد وبينة ولعمرو بينة بلا يد فهي كالتي قبلها سواء.
وإن قال عمرو: أقمت بها بينة وأقام زيد بها بينة، وكانت بينتي عادلة وبينة زيد فاسقة، فردها بالفسق، وقضى بها لي عليه، وقد أعاد زيد تلك الشهادة، لم يتغير بنقض الحكم هاهنا، لأنه قد حكم بها لعمرو بالبينة العادلة، وقد أعاد زيد شهادة الفاسق، والفاسق إذا ردت شهادته في مكان وفي قضية ثم عدل وشهد وأعاد تلك الشهادة لم تقبل منه للتهمة كذلك هاهنا.
وإن بان للحاكم أن زيدا أقام البينة العادلة بما في يده وعمرو أقام بما في يد زيد فقضي بها لعمرو على زيد، لأنه كان يذهب مذهب من يحكم لليد الخارجة، لم ينقض حكمه بها لعمرو عندنا لأنه هو الحق، وعند بعضهم لأنها مسألة اجتهاد،