فإذا ثبت أنه مملوكه أقررناه في يديه، فإن جاء رجل فادعى نسب هذا المملوك فقال: هذا ابني، لم يلحق نسبه به لأن فيه إضرارا بسيده، وهو أن النسب متى ثبت كان مقدما في الميراث على الولاء، وقد يعتقه السيد، ويكسب مالا فيموت، فيكون ميراثه لمناسبه دون مولاه.
فإذا لم يلحق نسبه، فإن أقام المدعي بنسبه بينة حكمنا بأنه ابنه ويكون على ما هو عليه في يد مولاه، لأنه لا يمتنع أن يكون نسبه ثابتا من حر، ويكون مملوكا للغير، لأنه قد يتزوج مملوكة فيكون ولده منها مملوكا، عندنا بالشرط وعندهم بلا شرط، وقد يسبي صغيرا فيقدم والده مسلما فيستحلفه، اللهم إلا أن يكون المدعي عربيا فإنه لا يسترق عند بعضهم العربي، فعلى هذا تزال عنه يد مولاه و يتسلمه أبوه.
فإن كان مجهول النسب بالغا فادعاه رجل مملوكا، فإن أجابه إلى ما ادعاه وأقر بذلك له، حكم بأنه مملوكه، وإن أنكر ذلك، فالقول قوله، لأن الأصل الحرية، فإن تنازعه نفسان فادعى كل واحد منهما أنه عبده، وأقاما بذلك بينة فهما متعارضتان، فإن أقر هذا المتنازع فيه لأحدهما بما يدعيه، وقال: أنا مملوك هذا، لم تقبل بينته باعترافه، لأنه لا يدله على نفسه، لأنه إن كان حرا لم يصح إقراره بالعبودية، وإن كان مملوكا فلا يد له على نفسه.
فأما إن كان مميزا عاقلا لكنه غير بالغ، فادعاه رجل مملوكا وأنكر الصبي ذلك، وامتنع، ولم نعرف سبب يد المدعي، غير أننا رأيناهما الآن يتنازعان ذلك، قال قوم: لا يقضى له به لأنه يعرب عن نفسه كالبالغ، ومنهم من قال: يقضى له به لأنه لا حكم لكلامه، كالطفل الذي لا يتكلم، والأول أقوى عندنا لأن الأصل الحرية.
إذا كانت دار في يد رجل لا يدعيها لنفسه، فتنازع فيها نفسان فقال أحدهما:
كلها لي، وأقام بذلك بينة، وقال الآخر: نصفها لي، وأقام بذلك بينة، خلص لمن له البينة بكلها نصفها، لأن له بذلك بينة، ولا يدعيه أحد، وتعارضت البينتان في