أحدهما في شعبان ثم من الآخر في رمضان، لأنه يشتريه من الأول ثم يشتريه البائع الثاني منه ثم يبيعه منه، فلهذا لزمه الثمنان، كما لو ادعت أنه تزوجها يوم الأربعاء بألف، ويوم الخميس بألف، وأقامت البينة على كل واحد من العقدين فعليه المهران معا لجواز أن يكونا وقعا معا على الصحة، وهو أنهما نكاحان بينهما خلع.
وإن كانتا مطلقتين أو إحديهما مطلقة والأخرى مقيدة فهما سواء قال قوم:
يصح العقدان ويلزمه الثمنان معا لجواز أن يكونا في وقتين مختلفين فيصح العقدان معا كما لو كان التاريخ مختلفا، وقال آخرون: يتعارضان لجواز أن يكونا في وقت واحد فيتعارضان. ويجوز أن يكونا في وقتين فيصحان معا والأصل براءة الذمة فلذا تعارضتا.
إذا كان عبد في يد رجل فادعى على مولاه أنه أعتقه وادعى آخر على مولاه أنه باعه منه، وأقام كل واحد منهما البينة بما ادعاه لم تخل البينتان من أحد أمرين: إما أن تكونا مؤرختين بتأريخين مختلفين أو غير ذلك.
فإن كانتا بتأريخين مختلفين، مثل أن شهدت إحديهما في شعبان، والأخرى في رمضان من هذه السنة، فالسابقة ثابتة، والمتأخرة ساقطة، لأنه إن كان قد أعتقه في شعبان لم يصح بيعه في رمضان، وإن كان قد باعه في شعبان لم يصح عتقه في رمضان لأنه أعتقه بعد زوال ملكه عنه.
وإن كان تاريخهما واحدا أو كانتا مطلقتين أو إحديهما مطلقة والأخرى مقيدة الباب واحد، نظرت في العبد: فإن كان في يد المشتري قدمنا بينته لأنها بينة الداخل، وإن كان العبد في يد البائع فأقر للمشتري فقال: منك بعته، فهل تقدم بينة المشتري بقول البائع؟ قال قوم: تقدم لأنه قد اعترف أن يده نائبة عن يد المشتري، وقال آخرون - وهو الأصح عندنا -: أنها لا تقدم بقول البائع، لأن سبب يده معروفة بأنها غير مالكة لأن البينة قد شهدت بأنه لا يملك، فإذا لم تكن له بينة سقط الترجيح، فمن قال: تقدم بينة المشتري، قدمها وسقط العتق، ومن قال: لا تقدم،