لو شهدت بأن هذا العبد كان له أمس لم يقبل.
قيل: قد قال بعضهم: إذا شهدت بالملك أمس حكمت بها، وقال قوم: لا يسمع، ومنهم من قال: لا يسمعها بالملك أمس ويسمعها إذا شهدت بالولادة.
والفصل بينهما أنها إذا شهدت بالملك فهو أصل في نفسه غير تابع لغيره، فإذا لم يشهد بالملك في الحال لم يثبت الملك حين التنازع، فلهذا لم يسمع، وليس كذلك هاهنا، لأنها شهدت بنماء ملك، فكان الظاهر أن نماء ملكه له، فهو كما نقول: إذا قامت البينة له بأن الملك له منذ عشر سنين كانت فائدته من حين الشهادة وكان له، كذلك هاهنا، وإن شهدت أن هذا الغزل من قطن فلان، قال بعضهم:
قضينا بالغزل له.
ويفصل بين هذه المسألة وبينه إذا شهدت بأن هذه الأمة بنت أمة فلان، حيث قلنا لا يقضى له بالولد، لأن قوله: هذا الغزل من قطن فلان، معناه المغزول قطن فلان وعينه وذاته كان منفوشا فاجتمع، كقوله: هذا الدقيق من حنطة فلان، كان معناه هذا الدقيق حنطة فلان كان مجتمعا فتفرق، فلهذا قضينا بالغزل وليس كذلك إن شهدت بأن هذه الأمة بنت أمة فلان، لأن هذه البنت ليست هي الأم، وإنما هي غيرها، فلهذا لم يحكم له بها، ولأنه إذا قال: هذا الغزل من قطن فلان، لم يسبق الغزل القطن، فلهذا حكمنا له به، وليس كذلك هاهنا، لأن الولد قد يسبق الأم فلهذا لم يحكم له بولدها.
إذا كان في يده طفل لا يعبر عن نفسه مجهول النسب، فادعاه مملوكا له حكم له به، لأنه لا يعبر عن نفسه كالبهيمة والثوب، فإن بلغ هذا الطفل في يده فأنكر أن يكون مملوكا له لم يلتفت إليه، لأنا قد حكمنا بأنه عبده.
فإن كانت بحالها وكانت يده عليه يتصرف فيه بالاستخدام وغيره، ولم يسمع منه أنه مملوكه، فبلغ هذا الطفل في يده فادعى أنه حر لم يقبل قوله، لأن اليد التي كانت عليه ظاهرها الملك، وهو مستدام مستصحب على ما كان، فلا تزال يده عنه بدعواه.