هذا قسمة القرية الكبيرة لأن الكل عين واحدة، وأيضا إن الأصل أن له في كل شئ من الملك جزء، وإجباره على أن يأخذ من غير ملكه عوضا عنه يحتاج إلى دليل.
مسألة 30: إذا كانت يد رجلين على ملك فقالا للحاكم: أقسم بيننا، فإن كان لهما بينة أنه ملكهما قسمه بينهما بلا خلاف، وإن لم يكن لهما بينة غير اليد ولا منازع هناك قسمه أيضا بينهما عندنا، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وسواء كان ذلك مما ينقل ويحول، أو لا يحول ولا ينقل، وسواء قالا هو ملكهما إرثا أو غير إرث، وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه وهو أصحهما عنده، والثاني لا يقسمه بينهما.
وقال أبو حنيفة: إن كان مما ينقل ويحول قسمه بينهما، وإن كان مما لا ينقل نظرت: فإن قالا: هو ميراث بيننا، لم يقسم، وإن قالا: غير ميراث قسم بينهما.
دليلنا: إن ظاهر اليد عندنا يدل على ذلك فجاز أن يقسم بذلك كالبينة، وقولهم " قسمة الحاكم حكمه بالملك " فالجواب عنه أنا نحترز من هذا وهو أن القاسم يقسم ويكتب بالصورة وقصته، وأنه قسمه بينهما بقولهما فإذا كان هذا إضرارا احترز من أن يكون حكما منه بالملك لهما.
مسألة 31: لا يجوز للحاكم أن يأخذ الأجرة على الحكم من الخصمين أو من أحدهما سواء كان له رزق من بيت المال أو لم يكن.
وقال الشافعي: إن كان له رزق من بيت المال لم يجز، كما قلناه، وإن لم يكن له رزق من بيت المال جاز له أخذ الأجرة على ذلك.
دليلنا: عموم الأخبار الواردة في أنه يحرم على القاضي أخذ الرشى، والهدايا، وهذا دخل في ذلك، وأيضا طريقة الاحتياط تقتضي ذلك، وأيضا إجماع الفرقة على ذلك فإنهم لا يختلفون في أن ذلك حرام.