المنتفع به لم يجبر الممتنع على القسمة لأن في ذلك ضررا عليه، وإن كان الطالب مستضرا أجبر الممتنع لأنه لا ضرر عليه، وقال الشافعي: إن كان الطالب هو المنتفع به أجبرنا الممتنع عليها، وبه قال أهل العراق.
وقال ابن أبي ليلى: يباع لهما، ويعطي كل واحد منهما بحصة نصيبه من الثمن، وقال أبو ثور: لا يقسم كالجوهرة، وهذا مثل ما قلناه.
وقال الشافعي: وإن كان المطالب يستضر بها فهل يجبر الممتنع أم لا؟ على وجهين: أحدهما يجبر، والآخر لا يجبر - وهو المذهب - لأنها قسمة يستضر بها طالبها فأشبه إذا استضر بها الاثنان.
دليلنا: قوله عليه السلام: لا ضرر ولا إضرار، وفي ذلك ضررا ما على الطالب أو الممتنع فلا يجوز ذلك لعموم الخبر، وإنما أجزنا إذا كان الممتنع غير مستضر لأنه لا ضرر عليه، والطالب قد رضي بدخول الضرر عليه فيجب أن يجبر عليه.
مسألة 29: متى كان لهما ملك أقرحة كل قراح مفرد عن صاحبه، ولكل واحد منهما طريق منفرد به، فطلب أحدهما قسمة كل قراح على حدته، وقال الآخر: بل بعضها في بعض كالقراح الواحد، قسمناها كل قراح على حدته ولم يقسم بعضها في بعض سواء كان الجنس واحدا مثل أن كان الكل نخلا أو كان الكل كرما أو أجناسا أخر، الباب واحد، وسواء تجاورت الأقرحة أو تفرقت، وكذلك الدور والمنازل، وبه قال الشافعي.
وقال مالك: إن كانت متجاورة قسم بعضها في بعض كالقراح الواحد، وإن كانت متفرقة كقولنا، وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان الجنس واحدا قسم بعضه في بعض، وإن كان أجناسا كقولنا.
دليلنا: إن هذه قسمة نقل ملك من غير إلى غير فوجب أن لا يجبر الممتنع عليها كما لو كانت متفرقة مع مالك وأجناسا مع أبي يوسف ومحمد، ولا يلزم