الدعوى عليه، وبين أن يكون غائبا فيكلفه تحرير الدعوى واضح، وهو أنه إذا كان حاضرا لم يكن عليه كثير مشقة بالحضور فلهذا أحضره، وليس كذلك إذا كان غائبا لأن عليه مشقة في حضوره فربما حضر وليس مع المدعي دعوى صحيحة فلهذا قلنا لا يحضره حتى يحرر الدعوى.
فإذا ثبت هذا فمتى حرر الدعوى أحضره وإن بعدت المسافة، وقال بعضهم:
إن كان من مسافة يرجع فيها إلى وطنه ليلا أحضره، وإلا لم يحضره، وقال قوم: إن كان على مسيرة يوم وليلة أحضره وإلا تركه، وقال قوم: إن كان على مسافة لا يقصر فيها الصلاة أحضره وإلا لم يحضره والأول أقوى، هذا إذا كان المستعدى عليه رجلا.
فأما إن كان امرأة نظرت: فإن كانت برزة فهي كالرجل، وإن كانت مخدرة بعث إليها من يقضي بينها وبين خصمها في دارها، - والبرزة هي التي تبرز لقضاء حوائجها بنفسها، والمخدرة التي لا تخرج كذلك - والأصل في البرزة والمخدرة في الشرع أن العامرية اعترفت عند النبي عليه السلام بالزنى فرجمها وقال في الأخرى: وأغديا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فاعترفت فرجمها، فكانت العامرية برزة والأخرى مخدرة.
فإذا ثبت هذا فمتى حضر قيل له: ادع الآن، فإذا ادعى عليه لم تسمع الدعوى إلا محررة، فأما إن قال: لي عنده ثوب أو فرس أو حق، لم تسمع دعواه، لأن دعواه لها جواب، فربما كان بنعم فلا يمكن للحاكم أن يقضي به عليه، لأنه مجهول.
قالوا: أليس الإقرار بالمجهول يصح؟ هلا قلتم أن الدعوى المجهولة تصح، قلنا: الفصل بينهما أنه إذا أقر بمجهول لو كلفناه تحرير الإقرار ربما رجع عن إقراره، فلهذا ألزمناه المجهول به، وليس كذلك في مسألتنا لأنه إذا ردت الدعوى عليه ليحررها لم يرجع، فلهذا لم تسمع إلا معلومة، هذا كله ما لم يكن وصية.
فأما إن كانت وصية سمع الدعوى فيها، وإن كانت مجهولة والفصل بينهما وبين سائر الحقوق، أن تمليك المجهول بها يصح، فصح أن يدعي مجهولة، وليس