للإمام أن يولي القضاء في الموضع الذي هو فيه وفي غيره، سواء أطاق النظر فيه بنفسه أو لم يطقه، بلا خلاف.
روي أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لبعض أصحابه: اقض بينهما فقال: أقضي بينهما وأنت هاهنا؟ فقال: اقض بينهما تمام الخبر.
وروي أن رجلين كانا يختصمان عند رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى علي عليه السلام فقاما إليه فأعرض عنهما لمكان رسول الله صلى الله عليه وآله فقال النبي لعلي: أيسرك أن تقضي بينهما؟، فقضى بينهما.
وروي أن رجلين أتيا النبي عليه السلام فقال أحدهما: إن لي حمارا ولهذا بقرة وإن بقرته قتلت حماري، فقال لأبي بكر: اقض بينهما، فقال أبو بكر: لا ضمان على البهائم، فقال لعمر اقض بينهما، فقال مثل ذلك، فقال لعلي عليه السلام: اقض بينهما، فقال علي: أكانا مرسلين؟ قالا: لا، قال: أكانت البقرة مشدودة والحمار مرسلا؟ قالا: لا، قال أكان الحمار مشدودا والبقرة مرسلة؟ قالا: نعم، قال: على صاحب البقرة الضمان.
قال المخالف: إنما قضى علي عليه السلام بذلك لأن يد صاحبها عليها فلهذا ضمنه وعلى ما قضى به أبو بكر وعمر لم يكن يد صاحبها عليها فلا ضمان، وعليه الإجماع لأن شريحا تولى القضاء من قبل عمر وبعده لعثمان، وبعده لعلي عليه السلام وتولى بعده أيضا، وقيل إنه بقي في القضاء سبعين سنة.
فأما من ولاه الإمام القضاء فهل لهذا القاضي أن يولي من قبله من يقوم مقامه؟
جملته أنه إذا ولى الإمام قاضيا فالمستحب له أن يجعل إليه أن يولي من يرى من قبله لأنه قد لا يطيق النظر بنفسه فيكون له فسحة فيه.
فإذا ثبت هذا نظرت: فإن ولاه وجعل إليه أن يولي فذلك إليه، وإن منعه من ذلك لم يكن له التولية، وإن أطلق نظرت فيما ولاه: فإن كان موضعا يقدر أن ينظر