فإن كان حاضرا اعتدى عليه وأحضره، سواء علم بينهما معاملة أو لم يعلم، وهو الأقوى عندنا، وليس في ذلك ابتذال لأهل الصيانات والمروءات فإن عليا عليه السلام حضر مع يهودي عند شريح، وحضر عمر مع أبي عند زيد بن ثابت ليحكم بينهما في داره، وحج المنصور فحضر مع جمالين مجلس الحكم لحلف كان بينهما.
وقال بعضهم: إذا كان من أهل الصيانات لم يحضره الحاكم إلى مجلس الحكم بل يستدعيه إلى منزله ويقضي بينه وبين خصمه فيه، وإن لم يكن من أهل الصيانات أحضره مجلس الحكم.
فإذا ثبت أنه تعدى عليه فالكلام فيما تعدى به:
جملته أنه ينبغي أن يكون عند القاضي في ديوان حكمه ختوم من طين قد طبعها بخاتمه يبعث مع الخصم إليه فإن حضر وإلا بعث بعض أعوانه ليحضر، فإن حضر وإلا بعث بشاهدين يشهدان على امتناعه، فإن حضر وإلا استعان بصاحب الحرب وهو صاحب الشرطة، هذا إذا كان المستعدى عليه حاضرا.
فأما إن كان غائبا لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون غائبا في ولاية هذا الحاكم أو في غير ولايته.
فإن كان غائبا في غير ولايته مثل أن كان الحاكم ببغداد فغاب إلى البصرة، والبصرة في غير ولايته، فإنه يقضي على غائب وفيه خلاف.
وإن كان غائبا في ولايته، مثل أن غاب إلى موضع نظر هذا القاضي وولايته نظرت: فإن كان له في موضع غيبته خليفة كتب إليه وبعث بخصمه إليه ليحكم بينهما، وإن لم يكن له خليفة نظرت: فإن كان هناك من يصلح أن يحكم بينهما كتب إليه وجعل النظر إليه بينهما، وإن لم يكن له في موضع نظره خليفة ولا كان هناك من يصلح أن يقضي بينهما، قال لخصمه: حرر دعواك عليه، فإذا حررها أعدى عليه.
والفرق بين أن يكون المستعدى عليه حاضرا فيحضره الحاكم وإن لم يحرر