كذلك غيرها، لأن تمليك المجهول به لا يصح، فلهذا لم تقبل الدعوى به إلا معلومة.
فإذا ثبت هذا نظرت: فإن حرر الدعوى فلا كلام، وإن لم يحررها ولم يحسن ذلك، قال بعضهم: للحاكم أن يلقنه بكيفيتها لأنه لا ضرر على صاحبه في تلقينه، وقال آخرون: ليس له ذلك لأنه حق له، وهو الأقوى عندي لأنه يكسر قلب خصمه بذلك.
فإذا ثبت أن الدعوى لا تكون إلا محررة فالكلام في تحريرها لم يخل ما يدعيه من أحد أمرين: إما أن يكون أثمانا أو غيرها.
فإن كانت أثمانا فلا بد من ثلاثة أشياء تكون بها معلومة، وهو أن يذكر القدر والجنس والنوع، فالقدر ألف، والجنس دراهم، والنوع راضية أو عزية، فإن كان خلاف في صحاح أو مكسرة فلا بد من أن يقول صحاحا أو مكسرة، لأن التفاوت كثير في كل هذا.
قالوا: أليس لو باع ثوبا بألف مطلقا انصرف إلى نقد البلد؟ هلا قلتم يسمع الدعوى مطلقا وينصرف إلى نقد البلد؟
قلنا: الفصل بينهما أن الدعوى إخبار عما كان واجبا، وذلك يختلف في وقت وجوبه باختلاف الأزمان والبلدان، فلهذا لم تسمع منه إلا محررة وليس كذلك الشراء لأنه إيجاب في الحال، فلهذا انصرف إلى نقد البلد كقيم المتلفات، فوزان الدعوى من الشراء أن يكون في البلد نقود مختلفة فحينئذ لا يصح أن يطلق الثمن ولا بد أن يكون موصوفا، هذا إذا كانت أثمانا.
فأما إن كانت من غير الأثمان لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون عينا قائمة أو هالكة.
فإن كانت عينا قائمة نظرت: فإن كانت مما يمكن ضبطها بالصفات كالحبوب والثياب ضبطها وطالب بها، وإن ذكر القيمة كان تأكيدا، وإن لم يذكرها جاز، لأن الاعتماد على ضبط الصفات وإن كانت العين مما لا يمكن ضبط صفاتها كالجواهر