وأما إن كان فيها ضرر على الكل، وهذا إنما يكون في الدور والعقار و الدكاكين الضيقة، ونحو هذا، فإن القسمة فيها ضرر، والضرر عند قوم أن لا ينتفع بما أفرز له، ولا يراعى نقصان قيمته وهو قول الأكثر وهو الأقوى عندي، وقال بعض المتأخرين: إن الضرر نقصان قيمة سهمه بالقسمة فمتى نقص بالقسمة فهو الضرر، وهو قوي أيضا، وإذا استضر الكل بها لم يجبر الممتنع عليها، وقال قوم:
يجبر والأول مذهبنا.
وأما إن كان يستضر بها بعضهم دون بعض، مثل أن كانت الدار بين اثنين لواحد العشر وللآخر الباقي واستضر بها صاحب القليل دون صاحب الكثير، لم يخل المطالب من أحد أمرين: إما أن يكون هو المنتفع أو المستضر.
فإن كان هو المنتفع، قالوا: أجبرنا الممتنع عليه، وقال بعضهم: يباع لهما ويعطي كل واحد منهما نصيبه وقال بعضهم: لا يقسم كالجوهرة، وهو الأقوى عندي، لأنها قسمة ضرر فوجب أن لا يجبر عليها، كما لو استضر الكل.
فإذا تقرر هذا نظرت: فإن كانت بين اثنين والشقص واحد، أجبرناه عليها لأنه لا حيلة في القسمة من غير ضرر، وإن كانت بين أربعة لواحد النصف، ولكل واحد من الثلاثة السدس، فإذا أفرزنا لهم النصف شركة بينهم فلا ضرر عليهم، وإن أفرز كل منهم سهمه كان عليه فيه ضرر، قلنا لهم: أنتم بالخيار بين أن تفرزوا نصيبكم مشاعا من غير ضرر وبين أن يفرز كل واحد منكم سهمه، لأن المطالب بها لا يستضر بأن أفرزنا للثلاثة النصف مشاعا بينهم فطالب بعضهم بالقسمة لم يجبر الباقون عليها، لأن الكل يستضرون بها، هذا إذا كان المطالب لا يستضر بها.
وأما إذا كان المطالب هو الذي يستضر بها قال قوم: يجبر عليها، لأنها قسمة فيها من لا يستضر بها فوجب أن يجبر الممتنع عليها كما لو كان المطالب هو الذي لا يستضر بها، وقال آخرون: لا يجبر لأنها قسمة يستضر بها طالبها كما لو استضر بها الكل، وهو الصحيح عندنا.
إذا كان ملك بين قوم فطلبوا القسمة لم تخل القسمة من أحد أمرين: إما أن