عادت إلى حق شريكه، وذلك أن القسمة تراد لإفراز حقه عن حق شريكه، فإذا كان بعض ما حصل له مستحقا كان حقه باقيا في حق شريكه، فأما إن وقع المستحق في نصيبهما معا، نظرت: فإن وقع منه مع أحدهما أكثر مما وقع مع الآخر بطلت القسمة أيضا لما مضى، وإن كانا فيها سواء من غير فضل، أخذ المستحق حقه وينصرف وكانت القسمة في قدر الملك الصحيح صحيحة، لأن القسمة لإفراز الحق، وقد أفرز كل واحد منهما حقه عن حق شريكه، هذا إذا كان المستحق معينا.
وأما إن كان مشاعا في الكل بطلت في قدر المستحق ولم تبطل فيما بقي، وقال قوم: تبطل فيما بقي أيضا والأول مذهبنا، والثاني أيضا قوي لأن القسمة تميز حق كل واحد منهما عن صاحبه، وقد بان أنه على الإشاعة.
والعلة الجيدة في ذلك أنهما اقتسماها نصفين، وثلثها لثالث غائب، ومن قسم ما هو شركة بينه وبين غيره بغير حضوره كانت القسمة باطلة، ويفارق هذا البيع لأن لكل واحد من الشريكين أن يبيع نصيبه بغير إذن شريكه، هذا إذا بان البعض مستحقا أو وديعة أو عارية أو بإجارة.
فأما إن مات وخلف على ولديه ضيعة فاقتسماها نصفين، وكان على الميت دين قد تعلق بتركته، فهذه مبنية على أصل: وهو إذا تعلق الدين بالتركة فباعها الوارث هل يصح البيع أم لا؟ قال قوم: باطل لأنه باع ما تعلق حق الغير به كما لو رهنه ثم باعه، وقال آخرون: لا يبطل لأن الحق الذي تعلق بالتركة بغير اختيار، فلهذا صح البيع.
وهذا أصل: إذا تعلق الحق بعين ماله ثم باعه، فإن كان تعلقه باختيار المالك بطل البيع، وإن كان بغير اختياره فعلى قولين مثل مسألتنا، وكذلك إذا باع ماله وقد وجبت فيه الزكاة، وكذلك إذا جنى عبده ثم باعه فالكل على قولين، والأقوى عندي أنه لا يصح البيع، لأن التركة لا تستحق إلا بعد أن يقضي الدين لقوله تعالى: " من بعد وصية توصون بها أو دين " فيكون باع ما لا يملك.
فإذا ثبت هذا فمن قال: القسمة إفراز حق، كانت صحيحة، وإذا قيل: بيع،