يستوفي حقه من المقسوم حتى يعطي شيئا يرد عليه من غيره، مثل أن كانت أرض قيمتها مائة وفيها شجرة أو بئر قيمتها مائتان، فإذا جعلت الأرض بينهما كانت ثلث المقسوم فيضم إليها خمسين يردها من يخرج البئر له لتكون بينهما نصفين، وهذه قسمة التراضي، ومعناه لا يقسم إلا بتراضيهما، فأما الإجبار فلا، فإن فيها بيعا وشراء فإن الذي يأخذ الخمسين قد باع نصيبه من الشجرة، واشتراه من يحصل له الشجرة، فلا يجبر البائع على البيع ولا المشتري على الشراء، ويفارق هذه التي لا رد فيها، لأنها لا بيع ولا شراء، وإنما هو تعديل السهام، فلهذا وقع الإجبار عليها.
فإذا عدلها بسهم أمكن إخراج الأسماء على السهام وإخراج السهام على الأسماء، فإذا تراضيا به وأخرجت القرعة فهل يلزم بخروج القرعة أم لا؟ قال بعضهم:
يلزم، وقال قوم: لا يلزم بخروج القرعة، وهو الأقوى لأن القرعة تفيد معرفة البائع منهما من المشتري وقبل القرعة لا يعلم هذا، فإذا علم بها البائع من المشتري وعلمناه من الذي يأخذ البئر ويرد خمسين قلنا: الآن قد بان ذلك الرجل، فلا يلزم القسمة إلا بتراضيهما ويفارق هذا قسمة الإجبار لأنه لا بيع فيها ولا شراء، فلهذا لزمت بالقرعة، وهذه فيها بيع وشراء فلم يلزم بها، وأيضا لما لم يعتبر التراضي فيها في الابتداء فكذلك في الانتهاء، وليس كذلك هاهنا، لأنه اعتبر التراضي في ابتدائها، وكذلك في انتهائها.
إذا كانت دار بينهما لها علو وسفل، فدعا أحدهما صاحبه إلى القسمة نظرت:
فإن دعا إلى قسمة العلو والسفل ليكون لكل واحد منهما بعض السفل وبعض العلو أجبر الآخر عليه لأن البناء في الأراضي كالغراس فيها، ولو طلب أحدهما قسمة الأرض بغراسها أجبر الآخر عليها، فأما إن طلب أحدهما أن يجعل السفل سهما والعلو سهما ويقرع بينهما ليكون لأحدهما السفل وللآخر العلو، لم يجبر الممتنع عليها، لأن العلو مع السفل، بدليل أنه يتبع الأرض في الأخذ بالشفعة، ولو أفرد بعضه بالبيع فلا شفعة، ولأنه لو طلب أحدهما قسمة البناء دون العرصة لم يجبر الآخر عليه، ولو طلب أحدهما قسمة العرصة التي لا بناء فيها أجبر الآخر عليها، فإذا