كان العلو تبعا لم يجز أن يجعل التابع سهما والمتبوع سهما لأنا نجعل التابع متبوعا، وهذا لا سبيل إليه، ولأن السفل والعلو كالدارين المتلاصقتين.
وإن كان بينهما داران متلاصقتان فطلب أحدهما أن يجعل إحديهما سهما و الأخرى سهما ويقرع بينهما لم يجبر الممتنع عليها، ولأن من ملك شيئا ملك قراره أبدا وملك هواء الملك أبدا، بدليل أن له أن يحفر القرار كما يحب ويختار وله أن يبني في الهواء أبدا إلى السماء، فلو جعلنا لأحدهما العلو قطعنا السفل عن الهواء، وقطعنا العلو عن القرار، والقسمة إفراز حق، وليس هذا إفراز حق وإنما هو نقل حق بحق.
فإذا ثبت أنه لا إجبار، فإن تراضيا جاز، لأن السفل والعلو بمنزلة دارين متجاورتين، ولو تراضيا في المتجاورتين على هذا جاز كذلك العلو والسفل، فأما إن طلب أحدهما أن يقسم السفل بينهما على الانفراد، ثم العلو بينهما على الانفراد يجبر الممتنع عليها.
وإن كان بينهما أرض فيها زرع فطلب أحدهما القسمة فإما أن يطالب بقسمة الأرض أو الزرع أو قسمتها معا.
فإن طلب قسمة الأرض دون غيرها أجبرنا الآخر عليها على أي صفة كان الزرع حبا أو قصيلا أو سنبلا قد اشتد، لأن الزرع في الأرض كالمتاع في الدار، وكون المتاع في الدار لا يمنع القسمة فالزرع مثله.
وأما إن طالب قسمة الزرع وحده لم يجبر الآخر عليه، لأن تعديل الزرع بالسهام لا يمكن.
وأما إن طلب قسمتها مع زرعها لم يخل الزرع من ثلاثة أحوال: إما أن يكون بذرا أو حبا مستترا أو قصيلا.
فإن كان حبا مدفونا لم تجز القسمة، لأنا إن قلنا القسمة إفراز حق فهو قسمة مجهول ومعلوم فلا يصح، وإذا قلنا بيع لم يجز لمثل هذا.
وإن كان الزرع قد اشتد سنبله وقوي حبه فالحكم فيه كما لو كان بذرا