فقال النبي عليه وآله السلام: اقتسما واستهما، وليحل كل واحد منكما صاحبه، فدل ذلك على جواز القسمة، وعليه إجماع الأمة.
وروي أنه كان لعلي عليه السلام قاسم يقال له عبد الله بن يحيى، وكان رزقه من بيت المال.
إذا ثبت جواز القسمة، فالقاسم يفتقر إلى الصفات التي يفتقر إليها كاتب الحاكم، وهو أن يكون عدلا، والعدل هو البالغ العاقل الحر الثقة، فإن كان عبدا أو مدبرا قال قوم: لم يجز، لأنه ليس بعدل، وعندنا هو عدل فلا يمتنع أن يكون قاسما، ولا بد أن يكون حاسبا، لأن عمله بالحساب، فهو في القاسم كالفقه في الحاكم.
فإذا ثبت هذا نظرت: فإن نصبه الحاكم للقسمة فإذا عدل السهام وأقرع كانت القرعة حكما يلزم القسمة به، هذا إذا نصبه الحاكم فأما إن تراضيا الشريكان برجل فقسم بينهما جاز أن يكون عدلا وفاسقا وعبدا وحرا، لأنهما لو تراضيا بأنفسهما صح ذلك، فبأن يصح أن تراضيا بغيرهما أولى، وذلك أن الاعتماد عليهما لا عليه.
فأما إن تحاكما إلى رجل فقالا: قد جعلناك حكما علينا فأقسم، فلا بد أن يكون عدلا على ما بيناه، فإذا قسم بينهما فبما ذا يلزم قسمته يبني عليه.
إذا تراضيا بثقة من أهل العلم حكما بينهما فحكم بينهما فبما يلزم الحكم؟ قال قوم: يلزم بنفس الحكم كالحاكم سواء، وقال آخرون: بالحكم والرضا به بعده كذلك القاسم مثله، وهل يجزئ قاسم واحد بينهما أم لا؟ جملته أنه يجوز الاقتصار على قاض واحد ولا بد في التقويم من مقومين، وأما الخرص فقال قوم: يجزئ خارص واحد، وقال آخرون: لا بد من خارصين، وهو الأحوط.
وأما القاسم فينظر فيه: فإن كانت القسمة لا تفتقر إلى تقويم بل يجزئ تعديل السهام، أجزأ قاسم واحد، وإن كان فيها تقويم ورد فلا بد من قاسمين لأنه تقويم فافتقر إلى مقومين، هذا الكلام في صفة القسام والعدد.
وأما الأجرة فله أن يأخذ الأجرة على القسمة لما روينا عن علي عليه السلام أنه