كان له قاسم يقال له عبد الله بن يحيى وكان رزقه من بيت المال.
وكل عمل جاز أن يفعله الغير عن الغير تبرعا، جاز بعقد إجارة، كالخياطة و البناء، وكل ما لا يجوز أن يفعله الغير عن الغير ولكنه إذا فعله عن نفسه عاد نفعه إلى الغير، جاز أخذ الرزق عليه ولا يجوز أخذ الأجرة كالأذان والإقامة والإمامة و القضاء والخلافة، وكل ما لا يجوز أن يفعل الغير عن الغير وإذا فعله من نفسه لم يعد نفعه إلى الغير لم يجز أخذ الرزق عليه، ولا أخذ الأجرة كصلاة الفرض، وصلاة التطوع، وحجة الفرض.
فإذا ثبت هذا، فإن على الإمام أن يرزقه من بيت المال لأنه من المصالح، فإن كان في بيت المال مال استأجره أو رزقه ليقسم على المسلمين، وإن لم يكن في بيت المال مال أو كان وكان هناك ما هو أهم كسد الثغور وتجهيز الجيوش ونحو هذا، فإن أهل المالك يستأجرونه، ثم ينظر فيه:
فإن استأجره كل واحد منهما بما ينفقان عليه جاز قليلا كان أو كثيرا، وإن استأجراه بعقد واحد وأجرة واحدة، كانت الأجرة عند قوم مقسطة على الأنصباء، فإذا كان لأحدهما السدس والباقي للآخر كانت الأجرة كذلك، وقال آخرون: الأجرة على عدد الرؤوس لا على الأنصباء، والأول أقوى عندنا.
وإذا كان الملك بين اثنين أو بين جماعة فدعا بعضهم إلى القسمة وامتنع الآخرون فلا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن لا يستضر بها واحد منهم، أو يستضر بها كل واحد منهم، أو يستضر بها بعضهم دون بعض.
فإن لم يستضر بها واحد منهم، وهذا إنما يكون في الضياع، لأن ضيعة هي مائة جريب إذا أفرز كل عشرة منها كان المفرز والمشاع سواء، فمتى دعا واحد منهم إلى القسمة وأبي الباقون أجبر الممتنع منهم عليها، لأن من كان له ملك كان له أن يتسبب إلى ما يفيده الانتفاع الكامل والتصرف التام فيه فإذا أفرزه ملك الانتفاع بغراس وزرع وبناء وما شاء من غير توقف ولا منازع، وإذا كان حقه مشاعا لم يملك هذا، فلذلك كان له المطالبة بها وأجبر الممتنع عليها.