نفسك أو هبي لي نفسك بأدون في الشناعة من أعيريني نفسك.
مسألة:
ومما ظن انفراد الإمامية به وشنع عليهم لأجله القول: بأن الشهادة ليس بشرط في النكاح، وقد وافق داود في ذلك. وقال مالك: إذا لم يتواصوا بالكتمان صح النكاح وإن لم يحضروا الشهود، وباقي الفقهاء جعلوا الشهادة في النكاح شرطا.
والحجة لقولنا إجماع الطائفة المحقة، وأيضا فإن الله تعالى أمر بالنكاح في مواضع كثيرة من الكتاب ولم يشرط بالشهادة ولو كانت شرطا لذكرت، على أن أبا حنيفة عنده أن كل زيادة في القرآن توجب النسخ، فلو زاد الشهادة لكان ذلك نسخا للكتاب، والكتاب لا ينسخ بأخبار الآحاد.
ومما يمكن أن يعارض المخالف به ما رووه عن النبي ص من قوله: إن النساء عندكم عوار أخذتموهن بأمانة الله تعالى، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وليس هاهنا كلام يستباح به فرج المرأة غير قول المزوج: قد زوجت، وقول المتزوج: قد تزوجت، وظاهر هذا الكلام يقتضي أن الاستباحة حصلت بهذا الكلام بلا شرط زائد من شهادة ولا غيرها.
فإن قيل: إنما أراد بكلمة الله قوله تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم، وما جرى مجراه من الألفاظ المبيحة للعقد على النساء.
قلنا: تحليل الفرج لم يحصل بهذا القول، ولو كان حاصلا به لاستغنى عن العقد و الإيجاب والقبول في الإباحة، وإنما آيات القرآن استفيد فيها الإذن فيما يقع به التحليل.
والإباحة وهو العقد والإيجاب والقبول.
فإن احتجوا بما يروونه عن النبي ص من قوله: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.
فالجواب عنه أن هذا خبر واحد وهو مع ذلك مطعون في طريقه، والزهري قد أنكره ومداره عليه وفي تضعيفه وجوه كثيرة لا نطول بذكرها، ومع ذلك فإن النفي داخل في اللفظ على النكاح، والمراد حكمه وليس هم بأن يحملوه على نفي الصحة والإجزاء بأولى منا إذا