باب ما يحرم النظر إليه منهن وما لا يحل:
خاطب الله نبيه ع فقال: يا محمد: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، عن عورات النساء وما يحرم النظر إليه أي قل لهم: يغضوا من نظرهم فلا ينظروا إلى ما يحرم، فوجب الغض على العموم حيث حذف المفعول ثم خص من وجه آخر بإيراد من، فمن للتبعيض لأن غض البصر إنما يجب في بعض المواضع، وكل موضع ذكر في القرآن حفظ الفروج فهو الزنى إلا في هذا الموضع لأن المراد به الستر حتى لا ينظر إليها أحد، قال الصادق ع: لا يحل للرجل أن ينظر إلى فرج أخيه ولا يحل للمرأة أن تنظر إلى فرج أختها.
وقال قوم من المفسرين: العورة من النساء ما عدا الوجه والكفين فأمروا بغض البصر عن عوراتهن، وقيل: العورة من الرجل العانة إلى مستغلظ الفخذ من أعلى الركبة وهو العورة من الإماء، والحرة عورة من قرنها إلى قدمها، قالوا: ويدل على أن الوجه والكفين والقدمين كلها ليست بعورة من الحرة أن لها كشف ذلك في الصلاة.
وقوله تعالى: ويحفظوا فروجهم، أمر منه تعالى أن يحفظ الرجال فروجهم عن الحرام وأن يحفظونها عن إبدائها، ثم أمر المؤمنات أيضا بغض أبصارهن عن عورات الرجال وما لا يحل لهن النظر إليه، وأمرهن أن يحفظن فروجهن إلا من أزواجهن على ما أباحه الله ويحفظن أيضا إظهارها بحيث ينظر إليها، ونهاهن عن إبداء زينتهن إلا ما ظهر منها، قال ابن عباس: يعني القرطين والقلادة والسوار والخلخال والمعضدة والنحر فإنه يجوز إظهار ذلك، فأما الشعر فلا يجوز أن تبديه إلا لزوجها.
والزينة المنهي عن إبدائها زينتان، فالظاهرة الثياب والخفية الخلخالان والسواران في قول ابن مسعود.
فصل:
ثم قال تعالى: وليضربن بخمرهن، وهي المقانع " على جيوبهن "، ثم كرر النهي عن إظهار الزينة تأكيدا وتغليظا واستثنى من ذلك الأزواج وآباء النساء وإن علوا وآباء الأزواج