وقال الفارسي: إن مثنى وثلاث ورباع حال من قوله: ما طاب لكم من النساء، فهو كقولك: جئتك راكبا وماشيا وراكبا ومنحدرا، تريد أنك جئته في كل حال من هذه الأحوال.
ولست تريد أنك جئته وهذه الأحوال لك في وقت واحد.
ومن استدل بقوله تعالى: فانكحوا، على وجوب التزويج من حيث أن الأمر شرعا يقتضي الوجوب فقد أخطأ، لأن ظاهر الأمر وإن اقتضى الإيجاب في الشرع فقد ينصرف عنه بدليل، وقد قام الدليل على أن التزويج ليس بواجب على أن الغرض بهذه الآية النهي عن العقد على من يخاف أن لا يعدل بينهن.
فصل:
ثم قال تعالى: ذلك أدنى ألا تعولوا، فأشار بهذا إلى العقد على الواحدة مع الخوف من الجور فيما زاد عليها، والاقتصار على ما ملكت أيمانكم أي هو أقرب إلى أن لا تجوروا ولا تميلوا، يقال: عال يعول إذا مال وجار، وما قاله قوم من أن معناه أن لا يفترقوا فهو خطأ وكذا قول من زعم أن معناه أن لا يكثر عيالكم، لأنه يقال: عال يعيل إذا احتاج وأعال يعيل إذا كثر عياله، على أنه لو كان المراد القول الثالث لما أباح الواحدة وما شاء من ملك اليمين لأنه أزيد في العيال من أربع حرائر، والصحيح أن عال الرجل عياله يعولهم أي مانهم ومنه قوله ع: ابدأ بمن تعول.
باب الصداق وأحكامه:
قال الله تعالى: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، أي أعطوهن مهورهن ديانة وهبة من الله لهن، ونحلة نصب على المصدر، عن ابن عباس: المخاطب به الأزواج أمرهم بإعطاء المهر كملا إذا دخل لها لمن سمى لها، فأما غير الدخول بها فإنها إذا طلقت فإن لها نصف المسمى إذا طلقها وإن لم يكن سمى لها المهر فلها المتعة، فإن لم يطلقها ولم يسم لها مهرا فلها مهر المثل ما لم يتجاوز خمسمائة درهم، وقال أبو صالح: هذا خطاب للأولياء لأن الرجل منهم كان إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها فنهاهم الله عن ذلك وأنزل هذه الآية، وذكر المعتمر