وقال عمر في كلامه: لا أوتي بأحد تزوج متعة إلا عذبته بالحجارة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت، وما أنكر مع هذا عليه ذكر الرجم والعقوبة أحد، فاعتذروا في ترك النكير لذلك بما شئتم فهو العذر في ترك النكير للنهي عن المتعة.
وفي أصحابنا من استدل على أن لفظة استمتعتم تنصرف إلى هذا النكاح المؤجل دون المؤبد بأنه تعالى سمي العوض عليه أجرا ولم يسم العوض على النكاح المؤبد بهذا الاسم في القرآن كله بل سماه نحلا وصداقا وفرضا، وهذا غير معتمد لأنه تعالى قد سمي العوض عن النكاح المؤبد في غير هذا الموضع بالأجر في قوله تعالى: ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن، وفي قوله تعالى: فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن فإن قيل: كيف يصح حمل لفظة استمتعتم على النكاح المخصوص وقد أباح الله تعالى بقوله: وأحل لكم ما وراء ذلكم، النكاح المؤبد بلا خلاف فمن خصص ذلك بعقد المتعة خارج عن الاجماع.
قلنا: قوله تعالى بعد ذكر المحرمات من النساء: وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين يبيح العقد على النساء والتوصل بالمال إلى استباحتهن، ويعم ذلك العقد المؤبد والمؤجل ثم خص العقد المؤجل بالذكر، فقال: (فما استمتعتم به منهن)، والمعنى فمن نكحتموهن منهن نكاح المتعة (فأتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة)، لأن الزيادة في الأجر والأجل لا يليق إلا بالعقد المؤجل.
فإن قيل الآية مجملة لقوله تعالى: (محصنين غير مسافحين)، ولفظة الإحصان تقع على أشياء مختلفة من العفة والتزويج وغير ذلك.
قلنا: الأولى أن تكون لفظة محصنين محمولة على العفة والتنزه عن الزنى لأنه في مقابلة قوله تعالى: غير مسافحين، والسفاح الزنى بغير شبهة، ولو حملت اللفظة على الأمرين من العفة والإحصان الذي يتعلق به الرجم لم يكن بعيدا.
فإن قيل: كيف نحمل لفظة الإحصان في الآية على ما يقتضي الرجم وعندكم أن المتعة لا تحصن.