يؤمن، على ما قدمناه ولقوله: ولا تمسكوا بعصم الكوافر، فإذا ثبت ذلك قلنا في قوله:
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب، تأويلان:
أحدهما: أن يكون المراد بذلك اللاتي أسلمن منهن، والمراد بقوله: والمحصنات من المؤمنات، من كن في الأصل مؤمنات وولدن على الاسلام، وقيل: إن قوما كانوا يتحرجون من العقد على الكافرة إذا أسلمت، فبين تعالى أنه لا حرج في ذلك ولذا أفردهن بالذكر.
والثاني: أن يختص ذلك بنكاح المتعة أو ملك اليمين لأن وطأها بعقد المتعة جائز، عندنا على أنه روى أبو الجارود عن الباقر ع أنه منسوخ بالآيتين المتقدمتين من قوله:
ولا تنكحوا المشركات، و: لا تمسكوا بعصم الكوافر.
باب:
في النهي عن خطبة النساء المعتدات بالتصريح اعلم أن المرأة إذا كانت في عدة زوجها يجب عليها الامتناع من التزويج بغيره، فإذا انقضت عدتها حلت للخطاب قال تعالى: فإذا بلغن أجلهن، أي إذا بلغن آخر العدة بانقضائها فلا جناح عليكم، قيل: إنه خطاب للأولياء، وقيل: لجميع المسلمين لأنه يلزمهم منعها عن التزوج في العدة وقيل: معناه لا جناح عليكم وعلى النساء فيما فعلن في أنفسهن من النكاح واستعمال الزينة التي لا ينكر مثلها...
وهذا معنى قوله " بالمعروف " وقيل: معنى قوله " بالمعروف " ما يكون جائزا، وقيل: معناه النكاح الحلال عن مجاهد، ويحقق معنى قوله تعالى: فإذا بلغن أجلهن، فإذا انقضت عدتهن فلا جناح عليكم أيها الأئمة في ما فعلن في أنفسهن من التعرض للخطاب بالمعروف أي بالوجه الذي لا ينكره الشرع، والمعنى أنهن لو فعلن ما هو منكر كان على جماعة المسلمين أن يكفوهن، وإن فرطوا كان عليهم الجناح عن بعض المفسرين.
ولما تقدم ذكر عدة النساء وجواز الرجعة فيها للأزواج عقبه ببيان حال غير الأزواج فقال: ولا جناح عليكم، أي لا حرج ولا ضيق عليكم يا معشر الرجال فيما عرضتم به من خطبة النساء المعتدات ولا تصرحوا به، وذلك بأن تذكروا ما يدل على رغبتكم فيها.