باب اختيار الأزواج ومن يتولى العقد عليهن:
قال الله تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، فهذا يدل على أن المؤمنين أكفاء في عقد النكاح كما أنهم متكافئون في الدماء، فمتى خطب المؤمن إلى غيره بنته وبذل لها من الصداق السنة المحمدية وكان عنده يسار بقدر ما يقوم بأمرها والإنفاق عليها وكان مرضيا غير مرتكب لجور فلم يزوجه كان عاصيا، ويكره أن يزوج متظاهرا بالفسق.
واستدل المرتضى على أن الرجل إذا أراد يتزوج ينبغي أن يطلب ذوات الدين والأبوات والأصول الكريمة ويجتنب من لا أصل له بقوله تعالى: وثيابك فطهر، فقال: يجوز أن يكون للثياب هاهنا معنى آخر غير ما قالوه، وهو أن الله سمى الأزواج لباسا فقال تعالى: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن، واللباس والثياب هنا بمعنى واحد فكأنه سبحانه أمر أن يستطهر النساء أي يختارهن طاهرات من دنس الكفر ودرن العيب، لأنهن مظان الاستيلاد ومضام الأولاد.
وعن الصادق ع: زوجوا الأحمق ولا تزوجوا الحمقاء فإن الأحمق قد ينجب والحمقاء لا تنجب، والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا.
فصل:
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن، إلى قوله: ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر، سبب نزول هذه الآية أن المهادنة لما وقعت بين النبي ع وبين قريش بالحديبية، فرت بعدها امرأة من المشركين وخرجت إلى رسول الله مسلمة فجاء زوجها وقال: ردها على، فنزلت: لا ترجعوهن إلى الكفار.
وما جرى للنساء ذكر وإنما ضمن أن يرد الرجال فأمر الله أن تمتحن المهاجرة بالشهادتين، فإن كانت مؤمنة رد صداقها ولا ترد هي عليه إذ هي لا تحل له ولا هو يحل لها وهذا في القرآن للتوكيد، ولا تمسكوا بعصم الكوافر، حكم آخر أي كما ليس للمؤمنة أن